من امثاله وزاده من انعامه وافضاله.
وممن اجتمعنا به القاضي محي الدين ابن الحميدي رئيس كتاب المحكمة الراغب في كل ما يورث الحطمة ، له ملق لسان بعيد عن الخير والجميل والاحسان والناس يتكلمون (٢٣ ب بر) فيه ولا يحبه احد ، له دين ولا يشتهيه وبالجملة فما ذكرنا الا ما هو فيه ، فنسأل الله تعالى العفو والعافية من السلوك في المظالم الموجبة للهاوية. وله اخ ايضا كاتب في المحكمة يقال له محمد ليس بأحمد ، مستمد من فيضه فيضا. وبالمحكمة كاتب يقال له الشيخ محمد البتروني كأنه منسوب الى الحمار الأبتر وهو الاشهر والاظهر يحسّنه الناس بالنسبة الى القاضي محي الدين المذكور لأنه في غاية العجز والعيّ والقصور ، «فانا لله وانا اليه راجعون» (١) في كل الأمور.
وقد رأيت لهم في محكمتهم (٢) اختراعات عجيبة واحوالا غريبة منها ان الرجل اذا اراد ان يتزوج فيأتي اليهم فيكتبوا في صدر ورقة بياض اذن مولانا (١٠ أاسطنبول) بعد أوصاف تحضرهم باردة. وقيود غير لازمة زائدة ، القاضي بمدينة طرابلوس لفلان الفلاني ويسمون رجلا يعقد العقد اما من العلماء أو من الجهلاء بأن يعقد عقد فلانة على فلان من غير مانع شرعي ويجعل القاضي امضاءه في أعلا الورقة ويدفعونها لمن يريد ان يعقد العقد ويقبض القاضي (٢٣ أبر) على ذلك ما صدر عليه الوعد من غير تسجيل لذلك ولا العلم بتفصيل ما هنالك. ومنها ان غالب ما يصدر عندهم يكتبونه من غير تسجيل فيفضي ذلك الى ضياع حقوق الناس «فحسبنا الله ونعم الوكيل» (٣).
__________________
(١) آية رقم ١٥٦ من سورة البقرة.
(٢) «محكمتهم» زائدة في نسخة اسطنبول ووردت على الهامش
(٣) آية قرآنية رقم ١٧٣ من سورة آل عمران.