اتخذها للعبادة (١٦ أبر). ولقد اجتمعت معه فيها فاستأنس بنا غاية الاستيناس واعتذر عن كثرة الاجتماع بنا (١) باعذار تنفي عنه الكبر ، بلا شك ولا التباس ، وقرأ لنا الفاتحة ودعا لنا بدعوات صالحة نسأل الله تعالى (٢) ان تكون نافعة ناجحة ، وقد جعل خلوة ونحن هناك بجامع طينال (٣) مع كثير من (١٥ ب اسطنبول) المريدين ثلاثة ايام مع ثلاث ليال وذهبت الى ذلك المحل فدخلت الجامع واذا به لكل المريدين جامع ، وله في الداخل مكان محجوب به عن الناس له نشأة بذكره فيه مع كمال الاستيناس ، فترائيته من حيث لا يراني والمكان معتم بحيث لا يرى احد احدا وان كان قريبا دانيا (٤) فكأنّ بعض مريديه دخل اليه ودلّه عليّ فأرسل اليّ فدخلت عنده وحصل بيني وبينه مصاحبة مأنوسة تورث النشأة واللذة ، وكلفنا المكث الى العشاء فطلبنا الاجازة ودعا لنا بدعوات هي للروح غذاء ، وبالجملة فهو قائم بحسب جهده بعبادة الله ليس بالغافل عن ما يراد منه ولا باللاه وعلى الله سبحانه وتعالى (١٦ ب بر) القبول منه واليه العروج والوصول.
__________________
(١) زائدة في نسخة اسطنبول.
(٢) ساقطة في نسخة اسطنبول.
(٣) جامع طينال : نسبة الى الامير سيف الدين طينال عبد الله الناصري (ت ٧٤٣ ه / ١٣٤٢ م) احد مقدمي الالوف كان من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون ، عمل نائبا لغزة ونائبا لصفد ثم نائبا لطرابلس ، شيّد هذا المسجد على اثار كنيسة خارج مدينة طرابلس الشام ، وذلك عام ٧٣٦ ه / ١٣٣٥ م ، وجاء على نقش مثبت على باب هذا المسجد ما يلي : «بسم الله الرحمن الرحيم ، امر بانشاء هذا الجامع المبارك المقر الاشرفي العالي المولوي الاميري الناصري نائب السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة اتماما في ايام الملك الناصر في شهر رجب سنة ست وثلاثين وسبعماية وهناك نقش اخر يحدد الاوقاف المحبسة على هذا المسجد الجامع ، حول هذا المسجد راجع محمد كرد علي ، خطط الشام ، ٦ م ، بيروت ، ١٩٧١ ، م ٦ ، ص ٥٣ ، السيد عبد العزيز سالم ، المرجع ذاته ، ص ٤٠٩ ، وكذلك نص الوقفية ص ٤٧٥ ، ولقد زار الشيخ عبد الغني النابلسي هذا المسجد ووصفه بقوله «وهو جامع لطيف نيّر واقع خارج البلدة قريب من الجبانة واسلوبه عجيب وتكوينه غريب» ، التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية ، ص ٧٢ ، انظر ايضا ابا المحاسن جمال الدين يوسف ابن تغري بردي (ت ٨٧٤ ه / ١٤٧٠ م) ، النجوم الزاهرة ، في ملوك مصر والقاهرة ، طبعة دار الكتب المصرية ، القاهرة ، ١٩٤٩ ، م ١٠ ، ص ١٠٣.
(٤) جاءت في الأصل «داني».