والحرم تدخل من بابه على ايوان صغير وعلى شمالك كذلك ايوان ومن جهة الغرب فيه ثلاثة شبابيك مطلة على الوادي ، ومن جهة الشرق ثلاثة مطلة على الوادي ومن جهة بحجر ومنبر من رخام ، الا ان بعض الدرج صار له ائتلام. وفي اتجاه المحراب سدة عالية والى جانبها من كل جهة سدة أخرى خالية. كان الأمارى السيفيين كانوا يصلون بهما وسألت عن تعطيلها فأجابني من سألته : أن الباشا السيفي كان جعل لها وقفا بطرابلوس فضبط بعده للسلطنة وبقيت معطلة فاسترجعت من ذلك حين وقفت على ما هنالك. وكان الحاكم بها رجل يقال له : أحمد بلوكباشي ابن المغربي أرسل يكلفنا عنده للنزول ، فما اجبناه الى هذا المسئول ، ورأيت بها خمسة موآذن احدها مأذنة التكية المعطلة وجامعين معطلين واثنين فيهما يصلون. ولقد صليت العصر في أحدهما وهو الجامع الكبير ويقال انه عمري. ورأيت به شابا على رأسه عمامة هي لطلاب العلم أكبر علامة ، فسألت عنه فقيل أنه يقال له ابن الشيخ (١٠ اسطنبول) بدر الدين وهو خطيب الجامع ، ولقضاء البلدة جامع ، وبها حمامان الا أنهما معطلان وليس بها سوى واحد يدخل اليه ومدار أهل البلدة الآن عليه. ورأيت بيوت بني سيفا ، من أذاقهم الله تعالى بعد عزهم ودولتهم انقراضا وذلّا وحيفا ، في غاية الاحكام من البناء الا ان الأمير فخر الدين ابن معن حرّق بعضها وأخرب بعضها ، وآلت الى الدثور والفناء ، فأنشدت عندما رأيت وعاينت قول الأستاذ المقّري من ابيات حضرتني. ولها تذكرت ، فان بها غاية الاعتبار ، فيمن أخلوا المنازل والقصور والديار ، ممن كان لهم الدولة والصولة والأشتهار على ممر الدهور والاعصار وهي : (١)
__________________
(١) انظر نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ، م ١ ، ص ٧ ـ ١٢.