السنوبر البري واشجار كثيرة لونها كأنه مصبوغ أحمر في غاية الحمرة وعليه حمل كالزعبوب (١) الصغار طري وهو وردي اللون ، والورق في غاية الخضرة ، ينبىء من شاهده على كمال عظيم القدرة. ومن العجايب ايضا التي شاهدناها وبعين البصيرة رأيناها ، ان في سهل الجبل قطعة صخرة كبيرة بها عين ماء نابعة في ذيل تلك الصخرة وماء ينزل في اصل شجرة مدور كالجرن (٢) الخشب ملاصق للنبع والجرن ممتلي وفائض الى الأرض فقيل لي انه يقال له : بئر الخشب. ومررنا فيه على واد (٣) مهيل يقال له وادي السبع وعلى (٩ ب اسطنبول) كرم ساباط المشهور وبالجملة فأبهة هذه الجبال ومشاهدة بالعيان لأنها معدودة (٤) من جبل لبنان الذي يأوي اليه السائحون وتتقصد العبادة به العابدون.
وفي هذه المرحلة مشينا اكثرها وتحملنا ضررها وما وصلنا عكار (٥) إلا وكل منا على الأرض لا يستطيع القرار. فبعد ان نزلنا في تكيتها وهي تكية لا نظير لها الا أنها خالية من حصر تفرش بها. لها شبابيك من جهة الغرب مشرفة على الوادي ومن جهة الشرق أوض (٦) لطيفة ولها بابان احدهما كبير ، والآخر صغير ، وبها بركة عظيمة الا اني ما رأيت بها ماء. فسألت عنه فقيل لي : من منذ خمس عشرة (٧) سنة لم يأتها ماء.
__________________
(١) الزعب هي الكثرة ، وزعيوب هو القصير من الرجال وعلى الارجح استخدمها هنا بمعنى الكثرة والصغر انظر لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ١٩٥٥ ، م ٢ ، ص ٤٤٨ ـ ٤٥٠.
(٢) الجرن : الحجر ينحت فيه حفرة يدق فيها اللحم او الملح او الارز الخ ... انظر انيس فريحة ، معجم الالفاظ العامية ، مكتبة لبنان ، بيروت ، ١٩٧٣ م ، ص ٢٦.
(٣) جاءت في الاصل «وادي».
(٤) موجودة على الهامش في نسخة اسطنبول.
(٥) عكار : شكلت نيابة حصن عكار في العهد المملوكي جزءا من نيابة طرابلس وكانت نيابة حصن عكار من امرة عشرة ، انظر القلقشندي ، صبح ، م ٤ ، ص ٢٣٥. وشكلت في القرن السادس عشر ناحية في لواء طرابلس الشام عدد سكانها ٩٧٥ خانة ط. د ٣٧٢ ، ص ٣.
(٦) اوض : جمع اوضه (اوظه ، اودا ، اوده) كلمة تركية تفيد معنى الغرفة انظرJ.Redhouse طبعة اسطنبول ، ١٩٢١ ، ص ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
(٧) جاءت في الأصل «خمسة عشر».