متوجها من الديار الهندية إلى الأقطار الحرميّة قاصدا الحجّ هو ووالده ، وله شعر كاد يلمّ في بعض الإحسان ، وإن زعم بعضهم أنّه أحسن من شعر حسان ، ولم يتفق أن ينشدني من شعر نفسه شيئا ، وإنّما استنشدته من شعر والدي فأنشدني قصيدته الدالية المردوفة بالهاء ، وهي قوله :
مثير غرام المستهام ووجده |
|
وميض سرى من غور سلع ونجده |
وبات بأعلى الرّقمتين التهابه |
|
فظلّ كئيبا من تذكّر عهده |
يحنّ إلى نحو اللّوى وطويلع |
|
وبانات نجد والحجاز ورنده |
وضال بذات الضّال مرخ غصونه |
|
تفيّأه ظبي يميس بقدّه (١) |
كثير التجنّي ذو قوام مهفهف |
|
صبيح المحيّا ليس يوفي بوعده (٢) |
يغار إذا ما قست بالبدر وجهه |
|
ويغضب إن شبّهت وردا بخدّه |
مليح تسامى بالملاحة منفردا |
|
كشمس الضّحى كالبدر في برج سعده |
ثناياه بدر والصّباح جبينه |
|
وأمّا الثريّا قد أنيطت بعقده (٣) |
فمن وصله سكنى الجنان وطيبها |
|
ولكن لظى النّيران من نار صدّه |
تراءى لنا بالجيد كالظّبي تالعا |
|
أسارى الهوى من حكمه بعض جنده |
روى حسنه أهل الغرام وكلّهم |
|
يتيه إذا ما شاهدوا ليل جعده |
يعنعن علم السّحر هاروت لحظه |
|
ويروي عن الرّمّان كاعب نهده |
مضاء اليمانيّات دون لحاظه |
|
وفعل الرّدينيّات من دون قدّه |
إذا ما نضا عن وجهه البدر حجبه |
|
صبا كلّ ذي نسك ملازم زهده |
وأبدى محيّا قاصرا عنه كلّ من |
|
أراد له نعتا بتوصيف حدّه |
__________________
(١) في سلافة العصر / ١٩ ونفحة الريحانة ٤ / ١٨٠ (يميس ببرده).
(٢) في سلافة العصر (لا وفاء لوعده) وفي أ(ليس يوفي بعهده).
(٣) في السلافة ، ونفحة الريحانة (ثناياه برق) ، وفي ك (ونجم الثريا قد أنيطت) وما أثبته عن أوهو موافق لرواية المصدرين المذكورين.