وأبدع أبو بكر بن بقي (١) حيث يقول في مدحه ووصفه أيضا :
حمّامنا فيه فصل القيظ محتدم |
|
وفيه للبرد برد غير ذي ضرر (٢) |
ضدّان ينعم جسم المرء بينهما |
|
كالغصن ينعم بين الشمس والمطر |
فائدة : قال الحكيم أرسطاطاليس في المسائل الطبيعيّة : ما بال من عطش إذا دخل الحمّام سكن عطشه ، ومن لا عطش به يعطشه الحمام؟
لأنّ من به عطش فإنّ بدنه يابس يجذب الرطوبة إلى داخل بالمسام الخفيفة ، ومن لا عطش به فإنّ بدنه رطب يستفرغ الرطوبة بالعرق.
لطيفة : حكي أنّ بعض ملوك العجم أحضرت له حلوى مشهورة فقال : أيكون من لا يعرف هذه الحلوى؟ قالوا : كثير من لم يسمع بها فضلا عن أن يعرفها ، قال : فأحضروا من لا يعرفها ، فجاؤا بأعرابيّ فأطعموه من الحلوى وسألوه : أتعرف ما هذا؟ قال : نعم ، هو إمّا الحمّام أو الفجل ، قالوا : كيف عرفت ذلك؟ قال لأن أبي دخل هذه البلاد قبلي بعشرين سنة ، فلما عاد إلى البادية سألناه عن أحسن ما رآه في الحضر قال : شيئان : الفجل والحمام ، ولا شك الآن في أن هذا الذي أطعمتمونيه أحد هذين الشيئين ، ولكن لا أعرف أيّهما هو بعينه.
ولاقيت بالمخا الشيخ الأديب أحمد بن (٣) محمد بن علي الجوهري (٤)
__________________
(١) هو أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن بقي القرطبي المتوفى سنة ٥٤٠ ه (أنوار الربيع ٥ / ٢٥٤).
(٢) احتدم الحر : اشتد. في نفح الطيب ٣ / ٣٤٧ (حمامنا كزمان القيظ) و (وفيه للبرد صرّ).
(٣) ابتداء من الكلمة التي بعد القوس إلى نهاية الجملة التي ستختم بقوس آخر ، سقط من (ع) وهو يشتمل على قصيدة لوالد المؤلف ، وثانية للجوهري ، وثالثة للمرزوقي.
(٤) توفي أحمد بن محمد الجوهري سنة ١٠٧٩ ه (أنوار الربيع ٥ / ١١٤) و (نفحة الريحانة ٤ / ١٥٧) وفيه أنه توفى سنة ١٠٦٩ ه.