تستقصى ، ولا يعلم ما آل الأمر إليه ، وما استقر الحال عليه ، فأجمعنا على الإقامة بالبندر المذكور إلى أن توافينا الأخبار من تلك الأقطار.
والمخا (بالخاء المعجمة المخففة وفتح الميم قبلها) : مكان قريب من زبيد على ساحل البحر. كذا ضبطها اليافعي في تاريخه في حوادث سنة أربع عشرة وخمسمائة عند ذكر الشيخ أبي بكر بن جعفر بن عبد الرحيم المخائي. والعوام يقولون : المخا (بضم الميم) وهو بندر في غاية العمارة ، فيه قصور مشيّدة ، وحدائق عديدة تحتوي على نخل كثير ، ويجلب إليه أنواع الفواكه من تعز وغيرها.
ومستقى أهلها من أبآر (١) في جانبه الشرقي إلّا أن ماءها لا يخلو من ملوحة ، ويجلب للأكابر من موزّع ماء عذب جدّا.
وفيه حمّام لطيف ، بناه رجل من أكابر أتباع مولانا السلطان ، يقال له : الشيخ ملك محمد ، وأخبرني من كان حاضر بنائه ، أنّ الشيخ المذكور فرش أرضه بالقرنفل ، ثم ألقى عليه الجص لتطيب رائحته. ولقد اكتسب أجرا عظيما في بنائه ، وكانت وفاة بانيه المذكور سنة ثلاث وسبعين وألف رحمهالله تعالى.
ولم يمدح أحد من الشعراء الحمّام كما مدحه السريّ الموصلي (٢) فإنّه أحسن في مدحه وأبدع جدّا في وصفه حيث قال من أبيات :
بيت بنته حكماء الورى |
|
فهو إلى الحكمة منسوب |
مجاور النّار ولكنّه |
|
يجاور الحرّ به الطّيب (٣) |
حرّ هو الرّوح لأجسامنا |
|
والحرّ للأجسام تعذيب (٤) |
__________________
(١) أبآر ، جمع بئر ، كآبار ، وأبور ، وبئار.
(٢) هو أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الموصلي المعروف بالرفاء. توفي سنة ٣٦٢ وقيل ٣٦٦ ه (أنوار الربيع ١ / ٢٧٣).
(٣) في الديوان (تجاور الروح).
(٤) في الديوان (الظل) مكان (الروح).