أكابد همّا
كاللّيالي وحسرة
|
|
ودمعا غزير
المستقى غائر المجرى
|
وأدعو إلى
السّلوان قلبا جوابه
|
|
لداعيه مهراق من
المقلة العبرى
|
وما عذر مطروح
بمكّة رحله
|
|
على غير بؤس لا
يجوع ولا يعرى
|
ويرحل عنها
يبتغي عوضا بها
|
|
وحقّك لا عذرا
وربّك لا عذرا
|
فسلكنا طريق اليمن
الميمون ، متوجهين نحو ذلك القطر المأمون ، وسرينا نقتحم مهامه وقفارا ، ولا نملك
للدموع كفافا ولا للقلوب نفارا ، نجوب جيوب تلك الليلة الدهماء ، ونخبط خبط عشواء
في تلك الفلاة الهيماء ، إلى أن أسفر الصباح ، فنزلنا بحمى هنالك مباح ، يقال له (البيضاء)
، قد نشر من محله راية سوداء كأنّه لم ينبت قطّ نجمة خضراء فقلنا فيه ذلك اليوم ، وهيهات أن يجنح طرف إلى نوم. وفي
هذا المنزل أقول :
ولقد حللت من
المنازل واديا
|
|
محل الجوانب
اسمه البيضاء
|
فرحلت عنه وقلت
للرّكب ارحلوا
|
|
عنه عليه
الرّاية السّوداء
|
فارتحلنا منه إلى (السعديّة)
، وتبوّأنا ظلالها وإن كانت غير نديّة ، وهي ميقات اليمن بحذاء (يلملم) وهو
ميقاتهم الذي وقّته لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ، ومنها فارقنا
المشيّعون ، وأخذوا يودّعون ، ويودعون القلوب من الوجد ما يودعون ، فعمّ الغمّ
وشمل ، وانقرف جرح لم يكن اندمل. وما أحسن قول محمد بن [الحسن بن] عبد
الله الزبيدي من أبيات :
ما خلق الله من
عذاب
|
|
أشدّ من وقفة
الوداع
|
ما بينها
والحمام فرق
|
|
لولا المناجاة
والنّواعي
|
__________________