فائدة :
ذكر جماعة من المفسرين وأهل الحديث : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما خرج من مكة شرّفها الله تعالى مهاجرا ، وركب الناقة التفت إلى مكة مسكنه ومسكن آبائه وأجداده فظن أنّه لا يعود إليها ولا يراها بعد ذلك ، فأخذته رقّة وبكى ، فأتاه جبرئيل عليهالسلام وتلا عليه قوله تعالى (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)(١). فاستبشر عليه الصلاة والسلام وتوجه مسرورا. فمعاد على هذا من أسماء مكة المشرفة ، وفسّر أيضا بالجنة ، وقلت على التفسير الأول :
أمعاد هل يفضى إليك معادي |
|
يوما برغم معاند ومعاد |
فأفوز منك بكلّ ما أمّلته |
|
ذخرا لآخرتي ويوم معادي |
ولعمري أنّي لحريّ بقول العلامة الزمخشري (٢) :
هو النّفس الصعّاد من كبد حرّى |
|
إلى أن أرى أمّ القرى مرّة أخرى |
سريت بشخصي لا بقلبي وهمّتي |
|
وهيهات ما للأخشبين وللمسرى (٣) |
منيخان بالبطحاء ما ذرّ شارق |
|
مقيمان عند البيت ما ولّت الشّعرى |
عكوفهما في عاكفي البيت واصب |
|
طوافهما بالطّائفين بها يترى |
وما جاوزت بي أرض مكة أينقي |
|
وقد لجّ بي جهد الصّبابة واستشرى |
فكيف إذا خلّى الحجاز وراءنا |
|
وجيف المطايا يا لها كبدا حرّى |
فإن حدّثتني بعد بالسّير معنقا |
|
فلا رزقت يسرا ولا لقيت بشرى |
أأبتاع بالفوز الشّقاوة خاسرا |
|
وأستبدل الدّنيا الدّنيّة بالأخرى |
إذا خطرت بالبال ذكرى إناختي |
|
على حرم الله استفزّتني الذّكرى |
__________________
(١) سورة القصص / ٨٥.
(٢) هو جار الله الزمخشري واسمه محمود بن عمر ، توفي سنة ٥٣٨ ه (معجم المؤلفين ١٢ / ١٨٦).
(٣) الأخشبان : جبلان بين مكة ومنى.