احتجبوا بالسماء فدعاهم ذلك إلى أن اتخذوا تماثيل وأصناما على صورة الباري تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وبعضها على صورة الملائكة مختلفة القدود والأشكال ، ومنها على صورة الإنسان ، فعبدوها وقرّبوا لها القرابين ، ونذروا لها النذور لشبهها عندهم بالباري تعالى عن ذلك ، فأقاموا على ذلك برهة من الزمان وجملة من الأعصار ، حتى نبههم بعض حكمائهم على أنّ الأفلاك والكواكب أقرب الأجسام المرئيّة إلى الله تعالى ، وأنّها حيّة ناطقة ، وأن الملائكة تختلف فيما بين الله وبينها ، وأن كلّ ما يحدث في هذا العالم فإنه على قدر ما تجري به الكواكب عن أمر الله ، فعظّموها وقرّبوا لها القرابين لتنفعهم ، فمكثوا على ذلك دهرا ، فلما رأوا الكواكب تخفى بالنهار وفي بعض أوقات الليل لما يعرض في الجو من السواتر أمرهم بعض من كان فيهم من حكمائهم أن يجعلوا لها أصناما وتماثيل بعدد الكواكب المشهورة. فكلّ صنف منهم يعظم كوكبا منها ، ويقرّب لها نوعا من القربان خلاف ما للآخر. على أنّهم إذا عظّموا ما صوّروا من الأصنام تحركت لهم الأجسام العلوية السبعة بكلّ ما يريدون. وبنوا لكلّ صنم بيتا وهيكلا مفردا ، وسمّوا تلك الهياكل بأسماء تلك الكواكب. وقد ذهب قوم إلى أنّ البيت الحرام يكون على مرور الدهر معظّما في سائر الأعصار لأنه بيت زحل ، وأنّ زحل شأنه البقاء والثبوت ، فما كان له فغير زائل ولا داثر ، وعن التعظيم غير حائل. وذكروا أمورا أعرضنا عن ذكرها لشناعة أمرها. ثم ذكر المسعودي انحرافهم عن هذا المذهب إلى غيره من المذاهب ممّا يطول ذكره.
وبالجملة فإن الهنود لهم مذاهب ومعتقدات مختلفة لا يدركها الحصر ، وقد رأينا منهم من يعبد النيّرين ، ومنهم من يعبد الأشجار ، ومنهم من يعبد الأنهار ، ومنهم من يعبد الأصنام. وقد ذكر الشهرستاني في الملل والنحل جملة من مذاهبهم قال :
ومن عبدة الأصنام (المهاكلكة ، لهم صنم يدعى مهاكال) (١) له أربعة أيد
__________________
(١) في ك (المهاكلكة لهم صنم يدعى مهلكلك) وفي أ(مهلكال) مكان (مهاكال).