الحسن بن عثمان بن أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي ، الملك السعيد ابن الملك العزيز بن الملك العادل ، كان والده الملك العزيز عماد الدين عثمان قد توفي في سنة ثلاثين وستمائة ، وملك بانياس والصبيبة وما معهما مما كان بيده من البلاد ولده الملك الظاهر ، فلم تطل مدته وتوفي بعد أشهر يسيرة ، دون السنة ، فملك بلاده أخوه الملك السعيد حسن المذكور ، ولم تزل في يده إلى أن ملك الملك الصالح نجم الدين الديار المصرية والشام ، فانتزعها من يده وأعطاه خبزا بالديار المصرية ، وبقي في خدمته إلى أن مات ، وملك ولده الملك المعظم ، وقتل على ما هو مشهور ، فلا حاجة إلى شرحه ، فعند ذلك هرب الملك السعيد إلى غزة وأخذ ما فيها من المال ، وقصد قلعة الصبيبة فسلمها إليه نواب الملك الصالح نجم الدين ، فملكها ، ولما وصل الخبر بذلك إلى القاهرة احتيط على داره بها ، وما فيها من الأثاث الذي لم يمكنه استصحابه معه ، فلما ملك الملك الناصر صلاح الدين يوسف الشام أخذ منه الصبيبة ، وجرت منه أسباب أوجبت اعتقاله في بعض القلاع ، ثم نقله إلى قلعة البيرة ، فلما ملكها التتر في هذه السنة أخرجوه من الاعتقال ، وحضر عند هولاكو بقيده ، فرق له وأفرج عنه ، وخلع عليه قباء زربفت (١) وسراقوج (٢) ، ومن عادة التتر أنهم إذا خلعوا سراقوج على أحد من غيرهم يلبسه يومه ، ثم يقلعه ويلبس العمامة ، فامتنع الملك السعيد من قلعه ، ولزم لبسه دائما ، ومال إليهم بظاهره وباطنه وكان يقع في الملك الناصر صلاح الدين يوسف عندهم ، ويحرضهم عليه ، وعلى استئصال شأفته ، فأمر هولاكو لكتبغانوين باستصحابه معه إلى الشام ، وتسليم بلاده إليه ، فاستصحبه معه وسلم إليه بلاده ، وبقي مع كتبغا لا يفارقه ، وشهد معه سائر وقائعه ، وحصاراته في هذه السنة ، ورأيته معه ظاهر بعلبك ، وعليه السراقوج ، وحضر معه المصاف بعين جالوت ، وقاتل
__________________
(١) أي منسوج بالذهب.
(٢) أي قبعة مغولية.