قتالا شديدا ، وكان شجاعا مقداما ، فلما من الله تعالى بنصرة الإسلام أحضر بين يدي الملك المظفر سيف الدين قطز رحمهالله ، فأمر به فضربت رقبته صبرا بين يديه ، ولم يقله عثاره ، وأخذت بلاده وحواصله ، وكان قتله يوم المصاف بعين جالوت ، وهو نهار الجمعة خامس عشري شهر رمضان المعظم ، أو ثاني يوم المصاف ...
... رسلان شاه بن داود بن يوسف بن أيوب بن شاذي ، الأمير أسد الدين ، كان جميل الأوصاف ، حسن الشكل ، شجاعا كريما واسع الصدر عالي الهمة ، ووالده الملك الزاهر مجير الدين داود ، كان صاحب البيرة ، وجده السلطان الملك الناصر صلاح الدين الكبير ، رحمهالله ، واستشهد الأمير أسد الدين المذكور بأيدي التتر في ثاني صفر من هذه السنة ببواشير حلب رحمهالله تعالى ، وكان والده الملك الزاهر مجير الدين داود يحب الفضلاء ، وأهل العلم ، ويقصدونه من البلاد ، ولما ولد بالقاهرة لسبع بقين من ذي القعدة أو ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة ، كان والده السلطان صلاح الدين رحمهالله بالشام ، وكان الثاني عشر من أولاده ، فكتب إليه القاضي الفاضل رحمهالله رسالة يبشره بولادته من جملتها : وهذا المولود المبارك هو الموفى لإثني عشر ولدا بل لإثني عشر نجما متقدا ، فقد زاد الله سبحانه في أنجمه عن أنجم يوسف عليهالسلام نجما ، ورآهم المولى يقظة ورأى تلك الأنجم حلما ، ورآهم المولى ساجدين له ، ورأينا الخلق لهم سجودا ، وهو تعالى قادر أن يزيد في جدود المولى إلى أن يراهم آباء وجدودا.
وحكى عن الملك الزاهر جماعة أنه كان يقول من أراد أن يبصر صلاح الدين فليبصرني ، فأنا اشبه أولاده به ، وكان الزاهر شقيق الملك الظاهر صاحب حلب رحمهالله ، وتوفي بالبيرة في ليلة التاسع من صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ، ولما وصل نعيه إلى حلب توجه الملك العزيز ابن الملك الظاهر إلى قلعة البيرة وملكها ...