رمضان المعظم سنة سبع عشرة وخمسمائة رحمهالله تعالى ، وقيل مات سابع عشر شهر رمضان ، ومولد القاضي صدر الدين سنة تسع وثمانين وخمسمائة ، وقيل تسعين وخمسمائة ، سمع من أبي طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي ، وابن طبرزد ، وحنبل ، وأبي المعالي محمد بن على القرشي ، وأبي اليمن زيد بن الحسن الكندي ، وأبي الفضل عبد الصمد بن محمد الحرستاني ، وغيرهم ، وأجاز له جماعة كثيرة من بلاد عديدة ، وحدث ودرس في عدة مدارس ، وأفتى ، وكان فقيها إماما عالما عارفا بالمذهب ، مشكور السيرة في ولاياته ، لين الجانب دمث الأخلاق كثير المداراة والصفح والاحتمال ، تنقلت به الأحوال فولي وكالة بيت المال بدمشق ثم ناب في الحكم بها مدة ، ثم ولي القضاء بها وبأعمالها إستقلالا لما فتح عماد الدين بن شيخ الشيوخ دمشق للملك الصالح نجم الدين ، ولم ينتقد عليه في حكم من أحكامه في جميع ولاياته ، ولم يزل مستمرا في الحكم إلى حين انقضت الدولة الناصرية ، ففوض هولاكو الحكم بالشام وغيره إلى القاضي كمال الدين التفليسي ، رحمهالله وكان ينوب عن قاضي القضاة صدر الدين المذكور بدمشق ، فتوجه صدر الدين صحبة القاضي محيي الدين أبي الفضل يحيى بن الزكي إلى هولاكو واجتمعوا به ، ففوض هولاكو القضاء بالشام إلى القاضي محيي الدين ، وعاد القاضي صدر الدين صحبته على غير شيء من الولايات ، فلما وصل حماة تمرض فركب في محفة ، ووصل إلى بعلبك وهو مثقل بالمرض ، فأنزلته في منزلي لقرابة كانت بينه وبين والدتي فإنه ابن عمها ، وابن خالتها ، وزوج أختها فبقي يومين في منزلي ، وتوفي إلى رحمة الله تعالى ، وحضر والدي رحمهالله غسله ، فغسله الشيخ زكي الدين إبراهيم بن المعري ، وصلى عليه والدي ، ودفن بالقرب من ضريح الشيخ عبد الله اليونيني الكبير قدس الله روحه ، قبلي مدينة بعلبك ، وكانت وفاته يوم الأحد عاشر جمادى الآخرة ، وكان الملك الناصر صلاح الدين يوسف يحبه ويثني عليه كثيرا ، وكذلك الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن الملك العادل يثني على والده قاضي