الأمراء الأكابر ، كثير الخير والدين والمعروف ، عظيم القدر جوادا شجاعا ممدحا من بيت كبير في الأكراد ، خدم الملك الصالح نجم الدين ، وهو بالشرق ، وقدم معه إلى الشام واعتقله الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ، لما أمسك الملك الصالح نجم الدين ، واعتقل بالكرك ، ثم أفرج عنه ، فكان في خدمة الملك الصالح نجم الدين بالديار المصرية وغيرها إلى أن توفي ، وقتل ولده الملك المعظم ، ثم اتصل بخدمة الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله ، وحج بالناس من دمشق سنة ثلاث وخمسين ، وفعل من البر والمعروف والإنفاق في سبيل الله تعالى في تلك الحجة ما هو مشهور ومذكور ، ولما ضرب البحرية وعسكر الملك المغيث فتح الدين عمر صاحب الكرك المصاف ، مع بعض عسكر الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله أمسكوه وأمسكوا معه الأمير نور الدين علي بن الشجاع الأكتع ، فاعتقلا بالكرك مدة ، ثم أفرج عنهما عند ما تقرر الصلح بين الملك الناصر والملك المغيث ، وجعله الملك الناصر بعد ذلك بنابلس ، وأمر تلك الناحية ، وما حولها من البلاد عائد إليه ، ثم جعل عنده قطعة من العسكر بنابلس ، منهم : الأمير نور الدين علي بن الشجاع الأكتع عندما رحل الملك الناصر رحمهالله عنها إلى غزة في هذه السنة ، فقدم عليه جمع عظيم من التتر ، فهجموا نابلس فلقاهم بوجهه وقاتلهم قتالا شديدا ، وقتل منهم بيده جماعة كثيرة ، وأنكى فيهم نكاية عظيمة ، واستشهد رحمهالله تعالى مقبلا غير مدبر ، وكذلك استشهد معه الأمير نور الدين علي بن الشجاع الأكتع ، وكان بينهما اشتراك في الكردية والإمرة ، وخدمة الملك الناصر ، والدين ، والفضيلة ، والكرم ، والشجاعة ، وأمسكا جميعا واعتقلا بالكرك ، وأفرج عنهما معا ، وجردا في نابلس ، واستشهدا في يوم واحد ، وكان بينهما مصافاة واتحاد ، جمع الله بينهما في الفردوس الأعلى ، وتغمدهما برحمته ورضوانه.
وكان الأمير مجير الدين من حسنات الدهر ، وعلى ذهنه جملة كثيرة من