الملك المظفر قتل ، وأن ركن الدين البندقداري ملك الديار المصرية وتلقب بالملك الظاهر ، وأن الأمير علم الدين الحلبي قد خطب له بالسلطنة في دمشق ، وصار مالكا لها ولبلادها ، قال : ونحن نعمل أيضا مثل عمل أولئك ونقيم واحدا من الجماعة مقدما ونقبض على هذا المدبر ـ يعني ابن صاحب الموصل ـ ونقتصر على حلب وبلادها مملكة أستاذنا ، فأجابوه إلى ذلك وتقرر بينهم أن حال وصولهم إلى المخيم يمضي إليه الأمراء حسام الدين الجوكندار ، وسيف الدين بكتمر الساقي ، وبدر الدين ازدمر الدوادار ، وكان الملك السعيد نازلا ببابلا في دار القاضي بهاء الدين ابن الأستاذ قاضي حلب ، وهو فوق سطحها والعساكر حوله ، وكانت الإشارة بين هؤلاء الأمراء وبين باقي الأمراء أنهم متى شاهدوا هؤلاء المذكورين معه على السطح يشرعون في نهب وطاقه ، والذين عنده يقبضون عليه ، فلما حضر المذكورون بابه ، وطلبوا الإذن للدخول عليه أذن لهم ، فلما حضروا عنده على السطح وأعين الباقين من الخشداشية ممتدة إليهم شرعوا في نهب وطاقه وخيله ، وأصحابه فسمع الضجة فاعتقد أن التتر قد كبست العسكر ، ثم شاهد نهب العزيزية والناصرية لوطاقه ، ووثب الأمراء الذين عنده ليقبضوا عليه ، فطلب منهم الأمان على نفسه فأمنوه ، وشرطوا عليه أن يسلم إليهم جميع ما حصله من الأموال ، ثم نزلوا إلى الدار ، وقصدوا الخزانة فما وجدوا فيها طائلا ، فتهددوه وقالوا : أين الأموال التي حصلتها؟ وطلبوا قتله أو المال ، فقام إلى ساحة بستان في الدار المذكورة ، وحفر تحت أشجار نارنج هناك ، وأخرج أموالا كثيرة ذكر أنها كانت تزيد على أربعين ألف دينار ، ففرقت على الأمراء على قدر منازلهم ، ورسموا عليه جماعة من الجند وسيروه ، إلى شغر وبكاس معتقلا وبقي في الاعتقال أياما ، ثم أخرجوه بعد أن اندفعوا بين يدي التتر كما سنذكره إن شاء الله.
وبعد أيام دهم العدو حلب فاندفع الأمير حسام الدين الجوكندار