وكان الملك الظاهر لما ملك لقب نفسه الملك القاهر ، وكان الوزير بمصر زين الدين بن الزبير وكان فاضلا في الأدب والترسل وعلم التاريخ ، فأشار بتغيير هذا اللقب وقال : ما لقب به أحد فأفلح ، لقب به القاهر بن المعتضد فلم تطل أيامه ، وخلع وسمل ، ولقب به الملك القاهر ابن صاحب الموصل فسم فلم تزد أيامه في المملكة على سبع سنين ، فأبطل الملك الظاهر اللقب الأول ، ولقب نفسه الملك الظاهر.
وأما حوادث الشام ففي العشر الآخر من ذي القعدة أمر الأمير علم الدين الحلبي بتجديد عمارة قلعة دمشق ، وزفت بالمغاني والطبول والبوقات ، وفرح أهل دمشق بذلك ، وحضر كبراء الدولة وخلع على الصناع والنقباء ، وعمل الناس في البناء حتى النساء ، وكان يوم الشروع في تجديد عمارتها يوما مشهودا.
وفي العشر الأول من ذي الحجة دعا الأمير علم الدين الحلبي الناس بدمشق إلى الحلف له بالسلطنة ، فأجابوه وحضر الجند والأكابر ، وحلفوا له ، ولقب بالملك المجاهد ، وخطب له على المنابر ، وضربت السكة باسمه ، وكاتب الملك المنصور صاحب حماة ليحلف له ، فامتنع وقال : أنا مع من يملك الديار المصرية كائنا من كان.
ذكر دخول التتر إلى الشام
واندفاع عسكر حلب وحماة بين أيديهم
ولما صح عند التتر قتل الملك المظفر رحمهالله ، وكان النائب بحلب ابن صاحب الموصل ، وقد أشرنا إلى سوء سيرته مع الجند والرعية ، فأجمع رأي الأمراء بحلب على قبضه ، وإخراجه من حلب ، وتحالفوا على ذلك ، وعينوا للقيام بالأمر الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزي ، فبينا هم على ذلك وردت عليهم بطاقة والي البيرة يخبر أن التتر قد قاربوا البيرة لمحاصرتها ، واستصرخ بهم لينجدوه بعسكر ، وكان التتر قد هدموا