وأخربوا كنيسة اليعاقبة ، وأحرقوا كنيسة مريم حتى بقيت كوما والحيطان حولها تعمل النيران في أخشابها ، وقتل منهم جماعة ، واختفى الباقون ، ولما عبر النصارى من باب توما قاصدين درب الحجر ، وقفوا عند رباط الشيخ رسلان رحمهالله ، ونادوا بشعارهم ورشوا الخمر في باب الرباط وفعلوا مثل ذلك على باب مسجدي درب الحجر الكبير ، والصغير وألزموا الناس في دكاكينهم بالقيام للصليب ، ومن لم يقم أخرقوا به وأهانوه وشقوا السوق على هذا الوجه إلى عند القنطرة آخر سويقة كنيسة مريم ، فقام بعضهم على الدكان الوسطى من الصف الغربي بين القناطر وخطب وفضل دين النصارى ، ووضع من دين الإسلام ، ثم عطفوا من خلف السوق إلى الكنيسة التي خربها الله تعالى ، وكان ذلك في ثاني وعشرين شهر رمضان ، وفي الغد صعد المسلمون مع قضاتهم وشهودهم إلى ايل سيان بالقلعة فأهانوهم ، ورفعوا قسيس النصارى عليهم ، وأخرجوهم من القلعة بالضرب والإهانة ، وفي غده حضر ايل سيان إلى الكنيسة ، وفي غده كانت الكسرة ولله الحمد والمنّة.
وهمّ بعض الناس بنهب اليهود ، فنهب شيء يسير ثم كفوا عنهم ، وفي يوم الجمعة ثاني شوال خطب بجامع دمشق الأصيل الأسعردي فبقي متوليا الخطابة والإمامة بجامع دمشق إلى سلخ شوال من سنة ثمان وخمسين وستمائة.
وحكى ابن الجزري في تاريخه عن والده إبراهيم بن أبي بكر الجزري رحمهالله قال : خرجت من جامع دمشق بعد صلاة الجمعة ، وهي ثاني جمعة مرت من شهر رمضان من تحت الساعات ، ودخلت في الخضراء إلى نحو دكاني بسوق الرماحين ، فوجدت جميع دكاكين الخضراء فيها الخمور والنصارى فيها يبيعون الخمر ، وبعض المسلمين القليلين الذين معهم ، وهم يشربون ويرشون الخمر على من عبر عليهم من المصلين وغيرهم ، قال : فما ملكت نفسي إلّا والدموع تسيل على خدي ، وحصل