أردو هولاكو ، فأدركوه دون الفرات قبل قطعها ، ثم عادوا إلى طريق بعلبك فوصلوها سادس جمادى الآخرة أو سابعه بكرة الخميس ومحيي الدين في تجمل عظيم ، وهو راكب في محفة ، ومعه من الحشم والغلمان والأولاد والحاشية ما لا مزيد عليه ، وصلى الجمعة في شباك قبة المدرسة الأمينية المجاورة جامع بعلبك ، وأحضر منبر إلى صحن الجامع قبالة الشباك المشار إليه ، وقرىء عليه تقليده ، وهو تقليد عظيم جدا بسط فيه القول والمبالغة في تفخيم القاضي محيي الدين ، بحيث لا يخاطب فيه إلا بمولانا ، وهو يتضمن فيه تفويض القضاء إليه بسائر البلاد الشامية من قنسرين إلى العريش ، ونائبه أخوه لأمه شهاب الدين إسماعيل بن أسعد بن وحيس ، وكذلك الأوقاف وغيرها ، وأن يشارك النواب في أمورهم بحيث لا يخرجوا عن رأيه ، ولا يستبدون دونه بأمر وكان عليه حال قعوده في الشباك فرجية عظيمة سوداء منسوجة بالذهب ، قيل إنها الخلعة التي خلعت على الملك الناصر يوسف رحمهالله من جهة الخليفة ، أخذت من قلعة حلب ، وعلى رأسه بقيار صوف بغير طيلسان ، ثم توجه إلى دمشق ، وأقام القاضي صدر الدين ببعلبك في منزل إلى حين توفي رحمهالله ، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
ثم وصل محيي الدين إلى دمشق وقرىء الفرمان بتوليته يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الآخرة تحت النسر بجامع دمشق ، وحضر قراءته إيل سبان نائب ملك التتر ، وكان من المغل ، وحضرت زوجته معه ، وقعدت على طراحة بسطت لها بين زوجها والقاضي إلى جانب العمود الشرقي في الباب الكبير الأوسط من أبواب النسر بالجامع ، ثم أضاف القاضي محيي الدين إلى نفسه وأولاده وأهله عدة مدارس : كالعذراوية ، والسلطانية ، والفلكية ، والركنية ، والقيمرية ، والكلاسية ، والصالحية ولاها عماد الدين بن عزي ، والأمينية ولاها ولده عماد الدين عيسى ، مع مشيخة الشيوخ ، وباشر أخوه شهاب الدين عنه نيابة الحكم مع تدريس