المجانيق طاقة كبيرة ، كالباب الكبير فأذعن أهل القلعة بتسليمها ، وطلبوا الأمان فأمنهم كتبغا على أنفسهم ، وأن يخرج كل انسان بما يستطيع أن يحمله من ماله ، فخرجوا على هذه الصورة بعد عصيان يوم واحد ، ووفى لهم بذلك ، ولم يرق لأحد محجمة دم ، ثم بعد خروج الناس من القلعة دخلها كتبغا فرآها ، وصعد قلتها ، ونهبها التتر وأخذوا ما وجدوا فيها ، ورحلوا وقد بقي فيها من : القمح ، والشعير ، والحبوب ، والدبس ، والملبن وغير ذلك من الطعومات شيء كثير ، فتلطف بدر الدين يوسف الخوارزمي وأحسن السياسة فيه بحيث شاور كتبغا وتلطف به حتى أجاب إلى أن يقرر عن هذا الطعم درهم معلوم ، فقرر على ذلك قريب خمسين ألف درهم بحيث ناب غرارة القمح عشرين درهما ، وغرارة الشعير عشرة دراهم ، وقنطار الدبس الشديد عشرين ، وقنطار الملبن ثلاثين درهما ، فحصل للناس بذلك رفق كثير.
ثم إن كتبغا أمر باعتقال شجاع الدين إبراهيم والي القلعة ببعلبك وديوانها ، فاعتقلوا خلا شاهد القلعة فإنه كان خرج منها قبل حصرها ، وطلع إلى جبل الكسروانيين ، فاعتقلوا ثم استدعوا إلى مرج برغوث وضربت رقابهم ، وضربت رقبة ولد الشجاع وصهره معه ، ولذلك ضرب هناك رقبة بدر الدين محمد بن فريجار وابن الصيرفي نقيب قلعة دمشق ، وجرى بألطاف الله تعالى بأهل بعلبك ما لم يكن في الحساب فلله الحمد على ذلك.
وفي غرة شعبان حضر الملك الأشرف موسى ابن صاحب حمص إلى بعلبك ، وقد استقر نائب هولاكو في الشام بأسره ، وسلم إليه حمص والرحبة ، وتدمر ، وتل باشر بقلاعها ، فأقام بظاهر بعلبك يومين وتوجه إلى دمشق.
وفيها توجه قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن الزكي وأولاده وأخوه لأمه شهاب الدين ، وقاضي القضاة صدر الدين أحمد بن سني الدولة إلى