قتل الملك المعز ، وهو بالشام ، فأقام بدمشق ، فورد كتاب هولاكو على الملك الناصر رحمهالله يطلب جماعة ، التقّي أحدهم ، فسيرهم إليه فحصل له منه إقبال ، فلما حصل الاستيلاء على حلب سأل من هولاكو فرمان لأهل بعلبك وشحنة من التتر ، فأجابه إلى ذلك ، فوصل المذكور ومعه الفرمان والشحنة ، ودخل بعلبك واجتمع به أهلها ، وكلهم معارفه ، ومعظم أصحابه ، وتحدث معهم في الدخول في الطاعة ، وقبول الأمان وكان سائر أهل البلاد إلا القليل قد صعدوا إلى القلعة بأموالهم وحريمهم مصممين العصيان ، وكان نائب السلطنة بالأعمال البعلبكية الأمير ناصر الدين محمد بن البتيني رحمهالله ، فعند ما بلغ أهل البلد منازلة التتر لحلب سألوه المقام عندهم والذبّ عنهم وتدبير أمورهم ، فأجابهم وأصعد إلى القلعة شيئا كثيرا ، فلما بلغه أخذ حلب ، وتوجه الملك الناصر من دمشق ، رجع عن الصعود إلى القلعة ، وسافر إلى جهة بانياس والصبيبة ، وكانت تحت نظره وولايته ، وسافر معه جماعة من أهل بعلبك ، فلما اتفق بعد ذلك قدوم التقي تحللت العزائم ، وجنحت إلى قبول الأمان ، فقال لهم : ينزل معي جماعة من أعيان البلد إلى دمشق لأحضرهم عند نواب الملك ، وأعرفهم بدخولهم في الطاعة ، فتوجه صحبته جماعة من الأعيان قريب خمسة عشر نفرا فلما وصلوا دمشق أنزلوا في مدرسة الأمير ناصر الدين القيمري ، ورتب لهم راتب متوفر من الطعام والحلواء والفاكهة وغير ذلك وأحسن إليهم غاية الإحسان ، وخلع عليهم خلع سنية ، وهذا لم يجر لغيرهم مع التتر ، فرجعوا إلى بعلبك صحبة التقي على أن يسلموا القلعة وينزل الناس إلى بيوتهم ، فاتفق يوم وصولهم إلى بعلبك وصول بدر الدين يوسف الخوارزمي إلى بعلبك من عند هولاكو ، ومعه فرمان بولاية بعلبك وأعمالها ، وكان هذا بدر الدين رحمهالله قد ولي مدينة بعلبك في الأيام الناصرية ، ورفق بأهلها وعاملهم أجمل معاملة ، وصادق كثيرا منهم وعاشرهم ، ثم عزل وولي ولايات أخر ، ثم عزل عنها واعتقل بدمشق ، وانقضت الدولة