معظم أصحابه ، ثم استأمن له بعض أصحابه ، وصار إليهم ، فكان معهم في ذل وهوان إلى أن قتل على ما نذكر إن شاء الله تعالى.
وأما العساكر التترية فبلغت غارتهم أرض غزة ، وبلد الخليل صلوات الله عليه ، والصلت وبركة زيزاء وموجب الكرك ونحو ذلك ، فقتلوا الرجال ، وسبوا النساء والصبيان ، واستاقوا من الأسرى والأبقار والأغنام والمواشي شيئا كثيرا ، وأخذوا من الأسلاب والأثاث ما لا يحصى ، فلما وصلوا دمشق اشتري من الأسرى شيء كثير ، وأطلقوا وهرب بعضهم ، واستصحبوا معهم من بقي ، وقد كانت قلعة دمشق امتنع بها الأمير بدر الدين محمد بن فريجار واليها ، وجمال الدين ابن الصيرفي نقيبها في جمع كثير بها ، واحتيج إلى حصارها فجاءها من التتر خلق كثير ، وصلوا يوم الأحد ثاني عشر جمادى الأولى ، فما باتوا تلك الليلة حتى قطعوا من الأخشاب ما احتاجوا إليه ، فكانوا استصحبوا معهم أكثر من عشرين منجنيقا تجرها الخيل ، وهم ركاب عليها ، وقدموا قبل ذلك بأسلحة تجرها البقر على العجل ، وأصبحوا يوم الاثنين يجمعون الحجارة لرمي المناجيق فأخربوا حيطانا كثيرة ، وأخذوا حجارتها من أساسها وأخربوا طرفا من القنوات بسبب الحجارة ، وهيؤوها للرمي ونصبت المجانيق ليلة الثلاثاء وأصبحوا يرمون بها رميا متتابعا ، فأخربوا كثيرا من القلعة من غربيها ، فما أمسوا حتى طلبوا الأمان فأمنوهم ، وخرجوا من الغد ، ونهب ما في القلعة وأحرق فيها مواضع كثيرة وهدم من أبراجها وأعاليها ، ثم ساروا إلى بعلبك ، وكان قبل ذلك حضر عند هولاكو تقي الدين الحديثي الحشائشي ، وكان هذا تقي الدين أصله من قرية حديثا من بقاع بعلبك ، وربي ببعلبك بين أهلها كأحدهم ، ثم سافر إلى الديار المصرية وفاق أهل عصره في معرفة الحشائش والأعشاب وخواصها ، ومنافعها ومضارها ، وتقدم عند الملك المعز أيبك التركماني ، وأعطاه إقطاعا جيدا ، ثم جهزه إلى الملك الناصر في بعض مهماته ، فاتفق