أنه متى قضى شغله أعطاه تمام ثلاثة ألف دينار ، وحيث شاء يسافر ، ثم إنه وزن له ألف دينار ، وكتب له إلى جميع البلاد بالوصية عليه ، وأن يمكنه الفرنج من السفر حيث شاء فسافر وتوصل إلى قريته باغيثا واجتمع بأهله وأقام مدة ، ثم بعد ذلك قال لأخيه : أريد أن تمشي إلى خلف الجبل الذي لنا ، وجاؤوا إلى ورائه فرأوا في جنبه بئرا كما وصفه له البطرك ، فأراد الأسير النزول ، فقال له أخوه : أنت يا أخي تعبان ، وأنا أنزل عوضك ، فقال له : إذا نزلت تجد في جنب البئر عامود وهو مدفون في التراب ورأسه يبين ، فنحي عنه التراب ، وافتح ذلك السرب ، فتجد في أسفل العامود رصاص فإذا وصلت إلى الرصاص تحيل في قلع العامود منه ، فنزل أخوه ، وحفر ووجد العامود ، فما برح حتى قلعه فعند قلعه إياه طفر عليه من تحت ماء عظيم غرقه ، وامتلىء الجب إلى قريب ثلثيه ، فقام الأسير من عند البئر ، ولم يعد إلى أهله خوفا لا يتهموه بقتله ، وسافر من ساعته وتوصل إلى القسطنطينية بعد سنتين ، فلما رآه البطرك ضحك وبهت ، وقال له : من فداك بنفسه؟ قال : فحكى له ما جرى على أخيه ، فوفى له بما وعده ، وأعطاه الألفي دينار ، قال ذلك الأسير ، فكان في القسطنطينية أراضي كثيرة خراب لم تزرع ، فلما قدمت رأيت جميعها قد زرعت ، وغرس فيها الأشجار ، فسألت البطرك وقلت له : بسبب هذه الأراضي كان سفري؟ فضحك ، وعاد الأسير تاجرا إلى بلد الجزيرة.
وحج بالناس في هذه السنة من الشام الأمير بدر الدين بكتاش المعروف بالطيار الملكي المنصوري ، وسافر هو والمحمل السلطاني من دمشق حادي عشر شوال.
وفيها في مستهل المحرم هلك الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بن عبد الله الصالحي العلائي ، كان من الأمراء الأكابر ، وممن ملك ، ولقب بالملك الكامل ، وخطب له على منابر الشام وضرب الدرهم والدينار باسمه ، وكان يكتب على التواقيع سنقر الأشقر ، كان أشقر ، عبل البدن ،