فأعجبه منهن واحدة فأخذها ، وراح وإلى بعد ثلاثة أيام سير طلبني من الأمير سيف الدين ، فحضرت عنده فأعطاني الثمن ، وطلب أن يترك فائدة عشرة دراهم ، فلم أفعل وحلفت أنني ما أكسب شيء وأن مولانا لو لم يطلبني من الأمير سيف الدين ما كنت جئت ، ولا طلبت لها ثمن ، فأعجبه ذلك وزاد في إكرامي وبقيت بعد ذلك لا أراه وإلا ويتلقاني أحسن تلقي ، وتنقضي حوائجي ، فأدعو له وأنصرف ، وكان من محاسن الزمان وكان ناهضا في اشتغاله وكافيا في أمور مرتبته ، وملازم شغله ليلا ونهارا ، بحيث لم يقدر أحد بعده يقوم وحده بالوظيفة بل من يساعده على القيام بها ...
السنة الثانية والتسعون وستمائة :
دخلت هذه وخليفة المسلمين يومئذ الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد أمير المؤمنين ، وسلطان الديار المصرية والبلاد الشامية من دنقلة إلى ساحل البحر إلى قاطع الفرات السلطان الملك الأشرف صلاح الدين ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي ، والملوك على حالهم خلا صاحب ماردين فإنه توفي ، واستقر مكانه ولده الملك المسعود شمس الدين داود ، ونائب السلطنة بدمشق الأمير شمس الدين سنقر الأعسر ، ومتولي البر الأمير سيف الدين طوغان ، والقضاة على حالهم وهم : قاضي القضاة شهاب الدين ابن الخوئي الشافعي ، ونائبه شمس الدين الملطي ، وقاضي القضاة جمال الدين الزواوي ، وقاضي القضاة شرف الدين الحسن الحنبلي ، وليس له نائب ، ووكيل بيت المال تاج الدين ابن الشيرازي ، والمحتسب شرف الدين بن الشيرجي ، والخطيب بجامع دمشق موفق الدين الحموي ، وناظر الخزانة الصاحب محيي الدين محمد بن النحاس الحلبي الحنفي ، وناظر الجامع شهاب الدين أحمد ابن السلعوس أخو الوزير.