ذكر الحوادث
فيها توجه السلطان الملك الأشرف من الديار المصرية قاصد الشام ، فوصل إلى دمشق ، ودخلها بكرة يوم الأحد تاسع جمادى الآخرة ونزل بالقصر الأبلق من الميدان الأخضر ، وكان قبل دخوله بثلاثة أيام قد طلع القضاة وأعيان الدولة والرؤساء والمتولون يتلقون الوزير شمس الدين ابن السلعوس ، وكان دخوله إلى دمشق هو ونائب السلطنة بالديار المصرية الأمير بدر الدين بيدرا ، وفي صحبتهم الخزانة يوم الخميس سادس جمادى الآخرة ، وذلك بسبب ترتيب الأمور ، وبسبب دخول السلطان ، فلما استعد ركابه بالقصر شرع في تجهيز العساكر إلى بلاد سيس ، والغارة عليها ، فعند ذلك وصل رسل صاحب سيس وهم يطلبون الصلح ، ورضا السلطان عليهم ، ومهما طلب منهم من القلاع والمال أعطوه ، فاستشار الأمراء في ذلك ، وشفع الأمراء في صاحب سيس ، واتفق الحال على أن يتسلم نواب السلطان من صاحب سيس ثلاث قلاع وهي : بهسنا ، ومرعش وتل حمدون ، وهذه مرعش وبهسنا من أحصن قلاعهم ، وأعظمها لا سيما بهسنا فإنها حصينة وبها ضياع كثيرة تزرع وهم فم الدربند ، وباب حلب ، وكانت في زمان الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب في يد نوابه ، وهي من أعمال بلاده ، فلما جاء التتر إلى حلب وملكوها كان فيها متولي الأمير سيف الدين العقرب فباعها لصاحب سيس بمائة ألف درهم ، فأعطاه ستين ألف درهم وتسلمها منه ، وبقيت في يدهم إلى الآن ، وكان منها على المسلمين أذى عظيم ، فلما كان في السنة الخالية ، وفتح السلطان قلعة الروم وأخذ خليفة خليفة الأرمن ، حصل للأرمن خوف وذل عظيم ، فما كان لهم شيئا يدفعوا عنهم به إلا هذا ، بسبب نهب بلادهم إلا بتسليم بهسنا ، وأضعفوا الحمل الذي كانوا يحملونه في كل سنة فلله الحمد والمنة على ذلك ، ثم سفروا رسل صاحب سيس وصحبتهم الأمير