الساحل الأمير ركن الدين طقصو ، وعز الدين أيبك الحموي ، وغيرهما من الأمراء ، وتلاقوا إلى الجبل ، وقد حضر إلى الأمير بدر الدين بيدرا من كسر حدته ، وأثنى عزمه عنهم ، فحصل الفتور في التقحم عليهم ، وكان بعض العسكر قد طلع إلى الجبل ، ولم يلحقهم بقية الجيش فأخذهم الجبليون ، وعاد الباقي مكسورين ، وآخر الأمر أنهم اتفقوا على إخراج جماعة منهم من الحبوس وأصلح قضيتهم الأمراء ، وعاد بدر الدين بيدرا إلى دمشق ، فتلقاه الملك الأشرف وأقبل عليه ، وترجل له عند السلام ، فلما دخلا دمشق نبه الوزير عليه السلطان أنه إرتشى من أهل الجبل ، فعاتبه السلطان على ما عمل فانزعج لذلك ، ومرض مرضا شديدا ، وأشيع أنهم سقوه ، ثم عوفي في العشر الأول من شهر رمضان ، فلما كان ليلة العاشر من رمضان عمل بجامع دمشق ختمة عظيمة ، وحضرها القضاة والعلماء ، وأرباب الدول والقراء ، وأكثر أهل دمشق ، واشتعل الجامع مثل ليلة النصف من شعبان ، وذلك بسبب عافية الأمير بدر الدين بيدرا ، وتصدق السلطان عنه بصدقة كبيرة قبل ذلك ، وسامح السلطان بالبواقي التي على ضمان جهات دمشق لأجل عافيته ، وكذلك أطلق أهل السجون ، وتصدق أيضا بيدرا من ماله ، ونزل عن كثير مما كان قد اغتصبه من الضمانات ، وما يجري مجراها.
وبعد سفر السلطان من دمشق إلى قلعة الروم بأيام يسيرة تسور عبد أسود أسطحة دور الحريم بقلعة دمشق ، فأمسك وقرر فذكر أن مؤذن جامع القلعة نصب له سلما وأصعده إلى هناك ، فطولع بذلك ، فورد المرسوم بقطع أطرافهما وتسميرهما ففعل بهما ذلك.
وبعد توجيه الملك الأشرف إلى حلب بعد فتح قلعة الروم ، عزل الأمير شمس الدين قرا سنقر المنصوري عن نيابة السلطنة بحلب وولى عوضه الطباخي في الفتوحات وما معها الأمير سيف الدين طغريل الإيغاني ، وولي الأمير سيف الدين بلبان الطباخي المنصوري نيابة حلب ،