قال : فبينما نحن عليها ، وإذا قد هبت رياح مزعجة ، قوية جدا وشرارا وسعت إلى أن رمت سائر الخيام ، وبات الناس على وجل ، وأصبح من الغد رعدت السماء رعدا قويا إلى أن ظنوا أن السماء تقع على الأرض ، ونزلت صاعقة أحرقت ثلاثة أنفس ، أحدهم مات ، والآخر احترق نصفه ، والآخر انقطع قلبه من الخوف ، ومات ، وكان في وطاق الأمير بدر الدين نائب السلطنة يومئذ بالديار المصرية.
وتوجه السلطان من قلعة الروم إلى دمشق وترك بها الأمير علم الدين سنجر الشجاعي ، وعساكر الشام مجردين على قلعة الروم ليعمروا ما انهدم من بنيانها بسبب المناجيق ، والنقوب ، ويصلحونها ويعودون ، فلما كان سابع عشر شعبان وصل الصاحب شمس الدين ابن السلعوس إلى دمشق ، لأجل دخول السلطان ، فلما كان بكرة يوم الثلاثاء تاسع عشر شعبان دخل السلطان الملك الأشرف إلى دمشق واحتفل أهلها لدخوله احتفالا عظيما ، وبسطوا له على جاري العادة ، ولم يكن لأهل دمشق عادة إذا قدم السلطان من جهة الشرق بسطوا له شيئا ، إلا عند دخوله من مصر لا غير ، حتى إن والده السلطان الملك المنصور ، عند عوده من حمص من بعدما كسر التتار بها في سنة ثمانين وستمائة ، لم يبسط له ، وكذلك الملك الظاهر في سنة خمس وسبعين وستمائة ، وكان قد تملك الروم وكسر التتار على ألبلستين ، هم أيضا لم يبسطوا له شيئا ، وإنما الوزير شمس الدين فعل ذلك ، وكان دخوله سادس ساعة من النهار ، وبين يديه الأسرى ، وخليفة الأرمن كيثاغنكوس صاحب قلعة الروم أسيرا ، فالحمد لله الذي أعز الله تعالى الإسلام ، وأذل الكفر والعناد ، ونزل السلطان بقلعة دمشق ، وسافر الأمير بدر الدين بيدرا المنصوري إلى بعلبك بمعظم العساكر المصرية ، ومعه من أعيان الأمراء شمس الدين قرا سنقر ، وبكتوت الأتابكي ، وبدر الدين بكتوت العلائي وغيرهم ، وقصدوا جبل الجرديين والكسروانيين ، ولقيه من جهة