ذاكرا موالاة الفتوح أيام الصدر الأول من المهاجرين والأنصار ، وليشعها على رؤوس الأشهاد ، ويجعلها في صحف الفتوح السالفة بمنزلة المعنى القريب ، والمثل في الاستشهاد ويمد الجيش بسمته التي ترهب الهمم ، وأدعيته التي تساعد الساعد ، وتؤيد السيد ، وتقدم القدم ، وتشارك بذلك في الجهاد حتى تكون نكاية الأعداء على البعد كسهم أصاب ، وراميه بذي سلم ، ويستقبل البشائر بعدها ما يكون له هذه بمنزلة العنوان في الكتاب ، والآحاد في الحساب ، وركعة النافلة بالنسبة إلى الخمس ، والفجر الأول قبل طلوع الشمس ، فالله تعالى يجعل شهاب فضله لامعا ، ونور علمه في الآفاق ساطعا ، ويتحفه من مفرقات التهاني بكل ما يغدو الشمل بالمسرات جامعا ، إن شاء الله تعالى.
كتب في يوم الفتح المذكور والحمد لله وحده.
وحكى الأمير شمس الدين أبو البيان نبأ المعروف بابن المحفدار ، أمير جاندار ، وولده الأمير سيف الدين قالوا جميعا : إن مدة المقام على حصار قلعة الروم ثلاثة وثلاثين يوما ، والذي نصب عليها من المجانيق خمسة عشر منجنيقا شيطانية وخمسة مجانيق أفرنجية وقرا بغا ، ونصب صاحب حماة منجنيقا واحدا ، والأمير عز الدين الأفرم من الجهة البحرية اثنين ، وفي رأس الجبل واحد ، والسلطان واحد من الجهة الشرقية على جانب الفردة ، والأمير بدر الدين بيسري واحد من الجهة الغربية جهة قرابغا وشيطانية في الواحد خمسة عشر منجنيقا ، قالوا : تسلمنا في الزردخاناه ألف ومائتي أسير ، قالوا والذي استشهد على قلعة الروم الأمير شرف الدين ابن الخطير ، وشهاب الدين أحمد بن ركن الدين أمير جاندار ، ومن البرد دارية عمر المصري ، وخليل بن الرفعة ، وتحت الردم رأس النوبة.
قال : وحكى الأمير سيف الدين بن المحفدار أيضا ، قال : ومما جرى لنا من العجائب على قلعة الروم في شهر تموز ، والعسكر نازل عليها ،