ورهب من الأعداء على أعدائه ، ويسر من الظفر الذي أيد بنصره ، وأمد بملائكة سمائه ليستديم به الإنجاد بحوله ، ويستزيد به الإمداد من فضله وطوله ، وتوالى من الصلاة على سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ما يشتد به أحلاف الفتوح ، ويسترهف بيمينه الصوارم التي هي على من كفر بالله ورسوله دعوة نوح ، ويهدي من البشائر ما تختال به أعطاف المنابر سرورا ، وتتعطر بذكره أفواه المحابر جواره ، وترتشف الأسماع موارد وارده ، فيستحيل في قلوب الأعداء نارا ، وفي قلوب الأولياء نورا ، وتبادر إلى مساهمة الحاضر في إسماعه كل باد فينقلب إلى أهله مسرورا ، وينهي أنه أصدرها والنصر قد خفقت بنوده ، وصدقت وعوده ، وسار بمخلقات البشائر في كل قطر بريده والأعلام الشريفة السلطانية ، قد امتطت من قلعة الروم صهوة ، لم تذل لراكب ، وحلت من قببها وقلتها بين الذروة والغارب ، وأراقت أسنتها من دمائهم وذمائهم ما ترك الفرات لا تحل لشارب ، ومد الإيمان بها أطنابه ، وأعجلت السيوف المنصورة الشرك أن يضم للرحلة أثوابه ، واستقرت بها قدم الإسلام ثابتة إلى الأبد ، وسطت بأرجائها سيوف أهل الجمعة ، حتى رق أهل السبت لأهل الأحد ، وأذهب الله عنها رسوم الثلثيث حتى كاد حكم الثلاثة أن يسقط من العدد ، وتبرأ منهم من كان يغرهم بإمداده حتى الفرات لمجاورتهم ، ودب النقص خوفا أن يطلق على زيادتها اسم المدد ، ونطق بها الأذان فخرس الجرس ، وعلت كلمة الإيمان فأضحت لها بعد الابتداء آية الجرس ، وأسمعت دعوة الحق ما حولها من الجبال فسمعت وهي صم ، ولبت الداعي بلسان الصدى الناطق عن شموخها الشم ، وكانت هذه القلعة المذكورة للثغور الإسلامية بمنزلة الشجا في الحلق ، والتشويه في الخلق ، والخلة في الصدر ، والخسوف الطارىء على طلعة البدر ، لا يجلو من على تضمره ، في لين تظهره ، وغدر تستره ، في عذر تورده وتصدره ، وقد سكن أهلها إلى مخادعة الجار ، وموادعة التتار ، وموالاتهم على الإسلام بالنفس والمال ، ومساواتهم لهم حتى في السرى