الدين ، وكان من خواص الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد ، وترسل عنه إلى هولاكو وغيره من الملوك ، واستوطن الديار المصرية بعد أخذ التتار حلب في سنة ثمان وخمسين ، وكان له مكانة عند الملك الظاهر ركن الدين ، والملك المنصور سيف الدين ـ رحمهماالله تعالى ـ وحرمته وافرة ، وله توصل ومداخلة ، وعنده بشر كثير ، ومسارعة إلى قضاء حاجة من يقصده ـ رحمهالله تعالى ...
السنة الخامسة والثمانون وستمائة
استهلت هذه السنة والخليفة ، والملك المنصور سيف الدين قلاوون ، والملوك على القاعدة في السنة الخالية ، والملك المنصور بالديار المصرية ، أخذت الكرك من الملك المسعود نجم الدين خضر ابن الملك الظاهر ركن الدين بيبرس ، ودقت البشائر بدمشق ثلاثة أيام ، أولها يوم الجمعة سابع صفر ، وحصل في شهر صفر من الرعود والبروق ما خرج عن العادة خصوصا في الأطراف ، وورد كتاب الأمير بدر الدين بكتوت العلائي إلى الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بالشام ، ومن مضمونه أنه لما كان يوم الاثنين رابع عشر صفر سنة خمس وثمانين وست مائة وقت العصر حصل بالغسولة إلى عيون القصب غمامة سوداء إلى الغاية ، وأرعدت رعدا كثيرا زائدا ، وظهر من الغمامة شبه دخان أسود من السماء ومتصل بالأرض ، وصور من الدخان صورة أصلها حية هائلة في مقدار العمد الكبير الذي لا يحضنه جماعة من الرجال ، وهي متصلة بعنان السماء تلعب بذنبها ، فتتصل بالأرض شبه الزوبعة الهائلة ، وصارت تحمل الحجارة الكبار المقادير ، وترفعها في الهواء كرمية سهم نشاب وأكثر ، وما صادفت شيئا من الأشياء من السيوف ، والجواشن ، والعدد ، والتراكيش ، والغشي ، والقماش ، والشاشات ، والنحاس ، والأسطال إلا صار طائرا في الهواء كشبه الطيور ، ومن جملة ذلك أنه كان في أسطبل بعض الناس خرج أدم ملآن تطابيق نعال بيطارية حملته في الهواء والجو كرمية نشاب ، ورفعت في