قبل السلطنة إلا بالبندقداري ، وكان الملك الظاهر يعظمه ، ويحترمه ، ويرى له حق التربية ، وكان هو يبالغ في خدمة الملك الظاهر ، والنصح له ، وهو الذي انتزع دمشق وقطعة من الشام من يد الأمير علم الدين الحلبي ، وكان عنده حشمة ، وحسن ترتيب ما لا مزيد عليه ، توفي بالقاهرة في ربيع الآخر سنة أربع وثمانين ، ودفن بتربته قريب بركة الفيل ، وقد ناهز السبعين سنة من العمر ، وصلي عليه بالنية بجامع دمشق يوم الجمعة مستهل جمادى الأولى ـ رحمهالله ـ وسبب انتقال الملك الظاهر إلى الملك الصالح أنه لما ملك قلعة عجلون في أواخر سنة ثلاث وأربعين ، وترتب فيها الأمير علاء الدين البندقدار بعسكر ، فلما استقر بها ، تزوج سرية الأمير سيف الدين علي بن قليج النوري من غير مشاورة الملك الصالح فنقم عليه ، وأمره أن يخرج من عجلون ، ويذهب حيث شاء مالكا لأمره ، فخرج متوجها إلى العراق على البرية ، فلما بلغ الملك الصالح خبره ، ندم ، وكتب إلى سعيد بن يزيد أمير آل مرى إذ ذاك يأمره بإدراكه ، ورده تحت الحوطة ، فلما رده وافى الملك الصالح بعمتا ، قد خرج من مصر متوجها إلى دمشق في شوال سنة أربع وأربعين ، فأمر بالقبض عليه ، وأخذ ما كان معه من المماليك وغيرهم ، وحبسه بعجلون ، وكان فيمن أخذ منه الملك الظاهر ، فقدمه على طائفة من الجمدارية ، فلما مات الملك الصالح سنة سبع وأربعين ، وملك بعده ولده الملك المعظم ، وقتل ، وأجمعوا على الأمير عز الدين أيبك التركماني ، فولوه الأتابكية لأمر جليل ، ثم ملكوا الملك الأشرف ابن الملك الناصر ابن الملك المسعود أقسيس ابن الملك الكامل ، وكان صغيرا ، وأقروا التركماني على الأتابكية ، ثم خطب الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار بنت صاحب حماة ، وأجيب ، فخشي التركماني إن هو دخل بها عظمت نفسه ، وتاقت إلى الملك لقوة شكوته بالبحرية ، فقتله يوم الاثنين سادس عشر شعبان سنة اثنتين وخمسين وستة مائة.