وكتب المولى كمال الدين أحمد بن العطار عن الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة إذ ذاك بالشام إلى الأمير علم الدين الشجاعي يهنئه بالفتح المذكور ، يقول :
«(نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) يسره الله بعزائم الجناب العالي ، لا زالت عزائمه تسهل من النصر مرادا ، وهممه تفسح من الفتح مرادا ، وسطوته تستأصل من الأعداء مرادا ، ومسامعه الكريمة تستعذب معادا من حديث البشائر إذا كان معادا معاذا ، قد أحاط العلم الكريم بالحركة المباركة ، والنزول على المرقب الذي كم تحته من مربأ زاد علوه على علو الرصد ، وما حل أحد بواديه ، ورام رؤية الهلال في مغربه ، والشمس في مشرقه إلا وصده عما قصد ، فما ترى الهلال منه إلا بدار ، ولا تشاهد الشمس المنيرة إلا ظهرا ، ونازلنا منه القلعة التي مسامتة السماء ، فزاحمت البروج منها البروج ، وحلت الجوزاء لسوارها المحكمة ، متى اتصلت بدناءتها بمنازل الكوكب ، وما لها من خروج ، وإذا رام القطر سقى أهلها ، عرج عن قصد النزول ، وأخذ في تعاريج العروج ، ولربما حاول منازلتها من تقدم من الملوك ، فصده عنها قسي الرعود ، ونبل الوبل ، وأسوار الثلوج ، وأرخت السماء عزاليها على جيشه ، وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ، والتفت عليه أشجارها فبات من المدبقين ، وأصبح من الموبقين ، وأعادت كل من قصد الصعود إليها يمشي على أربع بعد أن كان يمشي على رجلين ، وردته عقابه ناكصا على عقبيه ، وكان يحجل في حجلين ، فاستدارت عليها جنوباتنا ، فشاهدنا منها منطقة البروج ، واستجنت بها الجيوش من سهام الجروخ ، فأبقت كل سريع الخروج عن بدناتها إلى الأبدان سريع الولوج ، وقامت المجانيق بسفراء من الحجارة عن السهام ، وأشارت إليها بأصابع كفوفها بالانتقال عن ذل الكفر إلى عز الإسلام ، وفي أول الحال عجل منجنيق الواحد كسر مناجيقهم الثلاثة ، ونقل من صورة الحال بسرعة ، نصر الواحد على من يدين