وولى أرغون بن أبغا ، وطلب صاحبي الديوان ، فاختفيا عنه ، وتوفي علاء الدين بعد أشهر من ذلك مختفيا ، وطلب شمس الدين ، فأخذ له أمانا من أرغون وأحضر عنده فغدر به ، وقتله بعد موت أخيه بمدة يسيرة ، وكان لهذا شمس الدين ولدان رؤساء ، لهم مكارم ، واحتفال بالوظائف التي يعملوها ، والناس على أبوابهم وهم في سعة صدورهم والإحسان الوافر ، وإذا عملوا دعوة غرموا عليها الألوف ، ودعوا إليها كل فقير وغني ، ولم يكن مثلهم في رياستهم ، فلما قتل أبوهم ، فوض أمر العراق إلى جماعة مشتركين ، وهم : سعد الدين العجمي ، ومجد الدين ابن الأثير ، والأمير المعروف بشكسان.
فتعلق أحد أولاد شمس الدين المذكور ـ الذي قتل وهو الأمير هارون ـ على أرق وزير أرغون ، وصاحب حساب العراق ، فلما كان بعد سنة ، حضر الجماعة عند الوزير أرق في منزلهم من تبريز ، وعمل حسابهم ، وأوجب عليهم القتل ، وفعل ذلك بهم ، وطلب كي خاتو أخو أرغون ، وهو الذي كان قاتل مجد الدين ابن الأثير ، لأنه كان متعلقا به ، فاعتذر أرق إليه بأن هارون هو الذي فعل ذلك بالجماعة ، وقتلهم ، فأوجب الحال قتل هارون وأولاده مع صغارهم ، ومن كان عمره دون التمييز فقتلوا كلهم.
واتفق لعلاء الدين صاحب الديوان سعادات عظيمة ، ونزلت به أمور عظيمة سلمه الله منها ، فمن ذلك أنه كان معه ببغداد شحنة من تحت يده يعمل ما يأمره به ، يقال له الطرغيا ، وحديث الأموال ، والمناصب ، والأمر ، والنهي في البلاد كلها راجع إلى علاء الدين ، والشحنة ليس له من الأمر إلا إذا حضر بخدمة علاء الدين في دار العدل ، ووجب قتل أحد شرعا أمره بقتله فامتثل ، أو بتأديبه فأدبه ، لا أمر له سوى ذلك ، فحسد علاء الدين على ما هو فيه من إنفاذ الكلمة ، والاستقلال بالمملكة ، ورام أخذ موضعه بمكيدة يعملها في حقه ، فكتب على لسان