وكان قد عيد أبغا بن هولاكو بالعراق ، وحضر علاء الدين ، وشمس الدين أخوه إلى بغداد ، فأحصيت الجوائز ، والإنعامات ، والوظائف للعلماء والشعراء ، وأرباب البيوت ، فكانت فوق الألف جائزة ، وكان كل فاضل يصنف كتابا ، وينسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار ، وأجازوا للشيخ شمس الدين بن الصيقل الجزري ألف دينار على تصنيفه خمسين مقامة فضلوها على مقامات الحريري ، وكان لهما حسن الظن في الفقراء والصالحين ، وكذلك الأشراف ، وكانت لهما عناية عظيمة بأوامر الشريعة ، مدح بعض الشعراء لعلاء الدين صاحب الديوان بقصيدة أحسن نظمها ، وأكثر فيها المعاني ، والجناس اللفظي ، والخطي ، ثم شرع يمت بقصيدته ، ويقول : لم يمدح في هذه الملة الإسلامية أحد بمثلها ، ثم قال : أليس هذا أحسن من (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ)؟ فلما سمع علاء الدين منه ذلك ، أمر بعض غلمانه أن يأخذه بصورة أن يخلع عليه ، فإذا خرج به ضرب عنقه ، وأحضر رأسه إلى السماط ، ففعل ذلك ، ثم أنه شرع يعظم النبي صلىاللهعليهوسلم وما جاء به ، وقال : ما لكل مبتدع عندي إلا قتله ، وكان في زمن هولاكو ، فما برح الصاحب علاء الدين أخو شمس الدين يعمل عليه حتى قتله ، وكان قد قدم مجد الملك من ناحية العجم إلى بغداد قبل توجه العسكر المخذول صحبة منكوتمر بن هولاكو إلى الشام سنة ثمانين وست مائة بنحو من شهرين ، فأخذ صاحب الديوان علاء الدين عطاء ملك ابن الصاحب بهاء الدين الجويني ، وعزله وغله وعاقبه ، فقال صاحب الديوان في ذلك :
لا تيأسن لما جرى فالخير فيه لعله |
|
قد كان عبدا آبقا يعصي الإله فغله |
فلما عاد العسكر مكسورا ، حمل صاحب الديوان في صحبتهم إلى همذان ، وهناك مات أبغا بن هولاكو ، وأخوه منكوتمر ، فولي الأمر الملك أحمد باتفاق من صاحب الديوان علاء الدين ، وأخيه الصاحب شمس الدين محمد بن محمد الجويني ، فبعد أشهر يسيرة دون السنة هلك أحمد ،