المنصور في السير ، فدخل دمشق يوم السبت ثاني جمادى الآخرة ، فأحضر رسل الملك أحمد ، وهم : الشيخ عبد الرحمن ، وسمداغو ، ومن معهم ، وكانوا منذ وصلوا أطراف البلاد ، استعجمت عليهم الأخبار ، وبقي كل من يحضر إليهم يمسك ، وتؤخذ كتبه ، فجلس الملك المنصور في الليل ، وأوقدت شموع كثيرة ، ولم يكن حوله سوى خواص مماليكه ، وهم في أحسن زي ، وأكمل صورة ، فدخل الشيخ عبد الرحمن بزي الفقراء ، فرسم له بتقبيل الأرض ، فأبى فأهوي به إلى الأرض غصبا ، وفعل برفاقه كذلك ، وسمع كلامهم ، وأخذ الكتاب الوارد من الملك أحمد على يد الشيخ عبد الرحمن فقرأه ، وقاموا بين يديه ، فسير لهم الخلع الفاخرة ، وتفقدهم ، ثم أعلمهم بموت الملك أحمد ، ثم أحضرهم مرة أخرى ، وكان الشيخ عبد الرحمن قد أحضر هدية حسنة ، فقبلت ، واستقروا على حالهم ، وكان قدوة الملك أحمد ومشيره ، وتحكم في دولته تحكما كبيرا ، وتحدث في البلاد والأوقاف جميعها في العجم ، وبلاد العراق ، والشرق ، والروم ، وظهر للمغل من كراماته ما أخذ عقولهم ، ووصل إلى ماردين في رابع ربيع الآخر ، ثم وصل البيرة ، وصحبه جماعة مغل وغيرهم يخدمونه ويحملون الجتر على رأسه ، والسلحدارية ، وغيرهم وراءه ، فتلقاهم جمال الدين أقوش الفارسي أحد الأمراء بحلب ، فمنعهم من الجتر والسلاح ، وركبهم في الليل ، ومنعهم من الحديث مع أحد ، وساق بهم منكبا على الطريق ، فعز عليهم ذلك ، ووصل بهم حلب في سادس عشرين شوال ، وأخفى أمرهم ، ثم أخرجهم ليلا ، ووصل بهم دمشق خفية ليلا ، وأنزلوا بدار رضوان بقلعة دمشق ، وفصل عنهم غلمانهم إلى أن حضر السلطان من مصر ، وجرى ما ذكرناه ...
وفيها توفي :
أحمد بن هلاكو بن قاآن بن جنكز خان ملك التتار ، كان ملكا شهما خبيرا بأمور الرعايا ، سالكا أحسن المسالك ، متبعا دين الإسلام ، لا يصدر