عنه إلا ما يوافق الشريعة النبوية ـ صلوات الله وسلامه على صاحبها ـ وانقياده إليها ، واعتماده عليها في جميع حركاته بطريق الشيخ عبد الرحمن فإنه كان قد أقبل عليه ، وانقاد إليه ، وامتثل ما يأمره به ، فكان يأمره بمصالحة المسلمين والدخول في طاعتهم ، والعمل على مراضيهم ، وأن يكونوا كلهم شيئا واحدا ، ولم يزل به على ذلك إلى أن أجاب إلى مصالحة الملك المنصور سيف الدين قلاوون ـ رحمهالله ـ فكتب على يد الشيخ عبد الرحمن كتبا بديعة دالة على دخوله في الإسلام ، واتباعه أوامر الله تعالى في الحلال والحرام ، وتوجه بها الشيخ عبد الرحمن ، فلما وصل الشام بلغه خبر وفاة الملك أحمد ، فبطل ما كان جاء بسببه وما كان أسسه ، لكن وقع أجرهما على الله تعالى ، وبقي الشيخ عبد الرحمن ـ رحمهالله تعالى ـ مدة يسيرة وتوفي إلى رحمة الله تعالى.
ولما مات أبغا ، وقع الاختلاف فيمن يقعد في التخت ، فتعصب جماعة لأحمد المشار إليه ، واسمه الحقيقي تكدار ، واسم أمه قنقو خاتون نصرانية ، واتفقوا على إقعاده في تخت الملك ، وما هان على بعض المغل قعود أحمد لأنه ادعى أنه مسلم ، فحضر أخوه قنقرطاي ، وقال لأرغون : إن أبغا شرط في الياسة أنه إذا مات ملك ما يقعد عوضه إلا الأكبر من أولاده ، وقد رتبنا أحمد ، ومن خالف يموت ، فأطاعوه وسيروا إلى الألجية لإحضار الملوك ليكتبوا خطوطهم بالارتضاء بملك أحمد ، ولما جرى ذلك تحدثوا فيما بينهم في أن قدرتهم قد ضعفت ، ورجالهم قتلت ، وأن المسلمين كلما راحوا هزموهم وأنه لا حيلة في هذا الوقت أتم من إظهار الإسلام ، والتقرب إلى مراضي مولانا السلطان ، واكتفاء بأسه بذلك ، وسير في سبب ذلك رسلا إلى الملك المنصور سيف الدين قلاوون يلتمس الصلح ، وكان بين الملك ـ رحمهالله ـ وبين أرغون بن أبغا عداوة شديدة ، فسير أحمد عسكرا نحو أرغون مقدار أحد عشر ألف فارس ، وقدم عليهم علي نياق أحد خواصه ، فقصدوا