المنصور صاحب حماة ، وخرج نائب السلطنة ، والموكب للقائه ، ونزل بداره داخل باب الفراديس ، وعزمه التوجه إلى الديار المصرية.
وفي يوم الاثنين عاشر ربيع الأول فوض إلى الصاحب برهان الدين السنجاري التدريس ، والنظر بمدرسة الإمام الشافعي ـ رحمهالله ـ بالقرافة الصغرى ، وقف السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ـ قدس الله روحه ـ بالجامكية ، والجراية ، والرسوم ، الشاهد بها كتاب الوقف على التمام والكمال ، وهي في كل شهر من الجامكية أربعون دينارا معاملة على التدريس ، وعشرة دنانير على النظر ، والرسوم في كل يوم من الخبز ستون رطلا بالمصري ، ومن الماء الحلو راويتان ، وهذه المدرسة خلت من مدرس بالكلية من مدة تزيد على ثلاثين سنة ، والفقهاء يلازمون الاشتغال بها ، وحضور حلق معيديها ، فإن بها عشرة معيدين ، واستمر الحال على ذلك إلى سنة ثمان وسبعين ، فرتب التدريس بها في نصف المعلوم المذكور القاضي تقي الدين محمد بن رزين الحموي عند صرفه من القضاء بالديار المصرية ، وانتقلت بعد وفاته إلى غيره بالربع من أصل المعلوم ، وبقي الأمر كذلك إلى يوم تاريخه ، ففوضت إلى الصاحب برهان الدين المذكور بالمعلوم بكماله.
وفي يوم الجمعة حادي عشرين رجب ولي الخطابة بدمشق جمال الدين عبد الكافي واعتقل قاضي القضاة عز الدين ابن الصائغ ـ رحمهالله تعالى ـ في القلعة ، ومنع من صلاة الجمعة بعد أن حضر الجامع لصلاة الجمعة ، فأمسك ورسم لقضية ـ برأه الله تعالى منها ـ ادعي عليه أنه أودع حياصة مجوهرة ، وأمور اتفقت عليه ، وأثبتت بالزور والبهتان ، وتعصب عليه وصرف عن الحكم بسببها ، وولي القضاء القضاة بهاء الدين بن الزكي عوضه ، وفي يوم الأحد ثالث عشرين رجب شافهه السلطان بالولاية وقعد للحكم ، وتطاول أمر القاضي عز الدين ، وعقد له مجالس كثيرة إلى العشرين من شهر رمضان أحضر ابن