لقضاء حوائجهم ، وعنده رياسة وبداهة ، وعفة ، وستر على عورات الكتاب ، وعدم مؤاخذة لمن يقصده بضرر ، متمسكا بدينه وشريعته ، كثير الصدقة على فقراء النصارى ، ويتصدق على فقراء المسلمين أيضا ، ولم يكن في أهل ملته من يضاهيه في وقته ، وكانت وفاته بالقاهرة يوم الاثنين عاشر المحرم وهو في عشر السبعين ، ورتب ولد الأسعد جرجس مكانه ، وتضاعفت منزلته ، وفعله للخير ، ومنافسته في المعروف ، وفعل الجميل مع المسلمين بحيث أطلقت الألسن بشكره ، والثناء عليه ، ثم أسلم فيما بعد.
يعقوب بن غنائم الموفق الساوي ، كان حكيما فاضلا حاذقا في الصناعة الطبية ، جامعا للعلوم الحكمية ، أتقن صناعة الطب علما وعملا ، واحتوى على جملتها ، لم يكن في زمانه أعرف منه بقوانين الطب ومعرفته ، له اليد الطولى فيه ، وله تأييد في اجتلاب الصحة ، وتحرز في استقراء الأعراض ، ومعرفة تامة بالبحث في علم الطب ، والتفرد فيه ، وله حلقة اشتغال فيه لكل من قصده ، وله تصانيف جليلة ، منها : شرح الكليات من كتاب القانون لابن سينا ، وحل شكوك نجم الدين أحمد ابن المفتاح على الكليات ، وكتاب المدخل إلى علم المنطق والطبيعي والإلهي وغير ذلك ، وكانت وفاته يوم السبت في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ، وهو دمشقي المولد والوفاة.
السنة الثانية والثمانون وستمائة
استهلت هذه السنة يوم الخميس ، والخليفة الإمام الحاكم بأمر الله أحمد العباس أمير المؤمنين ، وسلطان الديار المصرية ، والبلاد الشامية الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي ، مقيما بقلعة الجبل من الديار المصرية.
وفي يوم الأحد سابع وعشرين شهر صفر وصل إلى دمشق الملك