نيابة السلطنة بحلب ، وتقدم للعسكر بها ، وكان شجاعا بطلا جوادا خيرا ، حسن السياسة ، جميل الصورة ، تام الخلق ، عنده رياسة وعقل ومعرفة ، وكان قبل وفاته بمدة يسيرة ثبت أنه باق على الرق ، فاشتراه الملك المنصور سيف الدين قلاوون ـ رحمهالله ، وأعتقه وزاد في حرمته ، وبسط يده وإقطاعه ، وكانت وفاته بحلب ليلة السبت ثاني عشر ذي الحجة ، ودفن يوم السبت ظاهرها ، وهو في عشر الخمسين سنة من العمر ، رحمهالله تعالى.
منكوتمر بن هولاكو بن تولي بن جنكز خان ملك التتار ، وهو من بيت الملك ، وهو مقدم الجيش الذي ضرب المصاف مع المسلمين في السنة الخالية ظاهر حمص ، فكان عنده شجاعة وإقدام ، وبطش وسفك للدماء ، وهو نصراني الدين ، وكان جرح يوم المصاف ، والذي جرحه الأمير علم الدين الدويدار ـ رحمهالله ـ وحصل له غم شديد على ما جرى عليه ، وعلى عساكره ، وكمد زائد ، وحدثته نفسه بجمع العساكر من سائر ممالك بيت هولاكو ، وقصد الشام ، وأخذ بثأره ، فقدر الله تعالى موت أخيه أبغا ، ففت ذلك في عضده ، وتملك بعد أخيه أخوه الملك أحمد ، وهو مسلم لا يرى محاربة المسلمين ، فانكسرت همته ، واعتراه صرع متدارك ، فتوفي في العشر الأول من المحرم ببلد الجزيرة العمرية يقال لها : تل خنزير ، وقيل : كانت وفاته في أواخر سنة ثمانين ، والله أعلم ، وقيل : إنه لم يمت حتى أكل لسانه بأسنانه ، وأتى على أكثر من نصفه ، وكفن في أربعة أثواب نسيج ، وجعل في تابوت ، وسير إلى تلا ، فدفن بها ، وقد نيف على ثلاثين سنة من العمر ـ والله أعلم.
هبة الله الملقب بالسديد النصراني القبطي المنبوز بالمعاز ، مستوفي الديار المصرية وقوانينها وأحوال المملكة ، لا يشاركه في ذلك مشارك ، وكان مدار الوزارة عليه ، والوزير يستضيء به في سائر الأحوال ، وكان رجلا جيدا ، كبير المروءة ، والخدمة للمسلمين ، والتودد إليهم ، والترصد