إلى بغداد تتضمن إظهار شعائر الإسلام ، وإقامة مناره ، وإعلاء كلمة الدين ، وبنيان الجوامع ، والمساجد ، والأوقاف ، وتنفيذ الأحكام الشرعية ، والوقوف معها ، وتشييد قواعدها ، وإلزام أهل الذمة لبس الغيار وضرب الجزية عليهم ، ويقال : إن إسلامه كان في حياة والده هولاكو.
وفي عشية يوم الأحد مستهل صفر قبض الملك المنصور سيف الدين قلاوون على الأمير بدر الدين بيسري الشمسي ، وعلاء الدين كشتغدي الشمسي ، واعتقلهما بقلعة الجبل.
وفي يوم الأربعاء عاشره فوض إلى قاضي القضاة شمس الدين أحمد ابن خلكان ـ رحمهالله تعالى ـ التدريس بالمدرسة الأمينية بدمشق ، وذكر الدرس بها يوم الأربعاء ثامن عشره ، وكان قد درس بها مدة ، ثم انتزعت منه ، وأعيدت إليه ، وكتب له بها تقليد من إنشاء المولى القاضي شرف الدين بن فضل الله من ديوان الإنشاء ، ومضمونه :
«الحمد لله الذي أقر الحق في نصابه وأعاد الأمر إلى من هو أولى به ، ورد الفضل إلى وطنه بعد معاناة اغترابه. ورفع منار العلم للمسترشدين من طلابه. نحمده حمدا نستزيد به النعم ، ونستفيد ونسترد به فائت الشكر ونستعيد ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من تيقن شهادته فأداها وأجرى الله المشيئة بتزكية نفسه فآتاها هداها ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم رسله ، ونبيه الذي أرسله (بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)(١) ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام ، أئمة الدين وخلفاء الإسلام ، الذين سبقوا ونصروا وعليوا بالإسلام ، وصابروا في الله وصبروا. وطلقوا الدنيا وهجروا ، ما توج مفرق الصبح من الشمس بتاج ، وأمسى لذهب الأصيل الأفق امتزاج.
وبعد : فأما الأمور الدينية أولى ما كانت عيون العناية بها متأملة ،
__________________
(١) سورة التوبة ـ الآية : ٣٣.