وركائب الأفكار نحوها متحملة ، ليوضع الأشياء في مواضعها ، ويقع الأمور في أحسن مواقعها ، فلا يقع الاشتباه مع غير الأنظار والأشباه ، ولا توضع غير التيجان بمكانها من المفارق والجباه ، وإذا رقدت لحظة الخط أو سهت. وتخطت خطوة الخطأ فما وقفت حيث انتهت أيقظت ، تلك العناية الخط من هجوعه ، وصدت الخطأ عن قصده ، وحكمت عليه برجوعه ، فيمسي النجم له استقامة بعد الرجوع ، ويصبح وللشمس من بعد الغروب طلوع ، ولذلك رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي المنصوري السيفي ـ زاده الله شرفا ، وملأ بمحامده من الأيام صحفا ـ أن يفوض تدريس المدرسة الأمينية بدمشق المحروسة إلى الجناب العالي المولوي القضائي الإمامي الأوحدي الأفضلي الأرشدي الزاهدي العابدي الورعي الناسكي العلوي العلامي الشمسي ضياء الإسلام صدر الأنام بقية الكرام ، علامة العلماء بمصر والعراق والشام ، كهف الملة ركن الشريعة شيخ المذاهب ، مفتي الفرق ، قدوة العالمين ظهير الملوك والسلاطين ، خالصة أمير المؤمنين أحمد بن الشيخ الإمام العالم العلامة بهاء الدين بن خلكان ـ ضاعف الله جلاله ـ إذ كان المعنى بهذا المعنى ، والأوحد الذي لا نظير له فما يجمع ، ولا يتثنى ، وهو الأولى بأن ينعت بواحد الزمان.
والمراد به مفهوم هذا الخطاب وغيره هو الذي أردناه بقولنا مضى هذا من هذا الباب ، لتزين سماء العلوم منها بشمسه المنيرة ، ويحتوي صدرها من تصدره بها على حاوي العلوم الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، وليفوض نظرها إليه فقد حكم له بها الاستحقاق ، وأصبحت نظامية الشام لما درس بها ، وقد أربت على نظامية العراق ، وقد درس بها الشيخ أبو اسحاق ، وشهادة فضله الآن مغنية عن فضل أمسه ، والأخبار عن القاضي من الأمر لا يفتقر إليه ، والعيان شاهد لنفسه ، ومتى احتاج النهار إلى دليل مع طلوع فجره.