وطيب قلبه ، فلما كان المصاف بين سنقر الأشقر والأمير علم الدين الحلبي ، وانكسر سنقر الأشقر لحق بالرحبة ، ومعه جماعة كبيرة من أعيان الأمراء والأمير شرف الدين عيسى بن مهنا ، فطلب منه تسليم القلعة ، فجعل يخادعه ، ويماطله ، ويرسل في كل وقت الإقامات وما يطلبه مما هو عنده ، وهو في غضون ذلك يطالع الملك المنصور بأحواله ، وأموره ، ويرد عليه الأجوبة بما يعتمده ، وأنه يسعى في إفساد من عنده من الأمراء ، وإيصالهم ملاطفات ترد عليهم من الملك المنصور وأمانات ، وهو يسعى في ذلك بتأني إلى أن حصل المقصود ، وفارق سنقر الأشقر معظم من عنده من الأمراء ، ووردت كتب الملك المنصور إلى الموفق يشكر سعيه ، ويعده مواعيد جميلة ، وأمره بطبلخاناة وغير ذلك ، فلما حضر الملك المنصور إلى دمشق في هذه السنة سير الموفق يطلب الإذن في الحضور ، فأذن له فحضر بتقدمة سنيه وآماله تحدثه بنيل نهاية مناه ، فلما وصل أقبل عليه الملك المنصور ، واتفق حضور تجار أخذوا في ذلك البر ووجدوا بعض قماشهم عنده ، فشكوه ، وعضدهم الأمير علم الدين الحلبي ، فرسم عليه ، وكان غاية الإنعام عليه خلاصه من تبعتهم ، فحصل له غم شديد ، وتمرض بدمشق ، ومات بها كمدا ، ودفن بمقابر باب الصغير ، وقد قارب سبعين سنة من العمر لم يستكملها ، وكانت وفاته في أحد الربيعين من هذه السنة ـ رحمهالله تعالى ...
سنقر بن عبد الله الأمير شمس الدين الألفي ، كان من أعيان الأمراء الظاهرية ، وممن له عنده مكانة مكينة ، ومحل لطيف ، وهو من ارتجع عن الملك المظفر سيف الدين قطز ـ رحمهالله ، وكان في بداية أمره أول دخوله البلاد قد اشتراه الشمس العذار ، ثم باعه فتنقل عنه إلى أن اتصل بالملك المظفر قطز ـ رحمهالله ـ وهو صغير السن ، وكان الملك الظاهر يوليه الولايات الكبار ، لكنه لم يكن يؤثر مفارقته ، ولما أفضت السلطنة إلى الملك السعيد ـ رحمهالله ـ ومات الأمير بدر الدين