بويل بن الأمير بهاء الدين الشهرزوري. من أمراء دمشق ، كان من الأبطال الشجعان والفرسان المعدودين ، استشهد يوم المصاف ظاهر حمص ، وهو يوم الخميس رابع عشر شهر رجب من هذه السنة بعد أن قاتل قتالا شديدا ، وأنكى في العدو نكايات كثيرة ، وقتل منهم عدة وافرة بيده ـ رحمهالله تعالى ـ وقد نيف على ستين سنة من العمر.
خضر بن محاسن موفق الدين الرحبي ، كان من رجال الدهر شجاعة وإقداما ، وحزما وتدبيرا ، ومكرا وحيلا ، ومداراة وسياسة ، وتيقظا وفطنة وذكاء ، وكان في بدايته جماسا بالرحبة لشخص من أهلها فاتفقت وفاة ذلك الشخص ، فتزوج زوجته ، وكفل ولده منها ، فحاز موجوده ، فصلح حاله يسيرا ، فتوصل إلى أن صار قزل غلام بالرحبة في حياة الملك الأشرف صاحبها ، فلما توفي وانتقلت إلى الملك الظاهر ركن الدين ، خدم نوابه فقربوه ووجدوا عنده كفاية تامة ، وخبرة بالبلاد وأهلها ، فزادوا معلومه ، وترقى عندهم ، وتعرف بالأمير شرف الدين عيسى بن مهنا ، واعتضد به ، فلما ولي النيابة بتلك الناحية الأمير عز الدين أيبك الاسكندري ـ رحمهالله تعالى ـ زاد في معلومه ، وأكرمه ورأى أنه مفتقر إلى مثله لما هو بصدده ، فلما أخذ الأمير عز الدين قرقيسيا من نواب التتر ، وأخربها ، وكانت كثيرة الأذية والضرر لبلاد المسلمين ، فسير التتر إلى الملك الظاهر ـ رحمهالله تعالى ـ لأخذها وعرف أن الموفق سعى في ذلك ، وطلب خبزا فأعطى له خبزا جيدا بلا تعيين وعظم شأنه ، وانبسطت يده ، وكثر أتباعه ، وزاد تمكنه ، فلما توفى الأمير عز الدين ـ رحمهالله ـ وتولى عز الدين أيبك الموصلي من البحرية الصالحية ، أصله قبجاقا تضاعف تمكنه ، فلم تطل مدة المتولى ، وتوفي فرتب الموفق مكانه مستقلا ، وأعطى خبزه فدبر الأمور ، وجهز القصاد إلى بلاد العدو ، وتضاعف اجتهاده ، وظهرت ثمرة ولايته ، فلما تملك الملك المنصور سيف الدين قلاوون ـ رحمهالله ، أقره على ذلك ،