الصواب وثناها ، طالما حل الرتب العالية بجليل مقداره ، ودقيق أفكاره ، وجلا الرتب العالية بخفي تدبيره وجلي أنواره ، وماست على معاطف مناقبة ذوائب فخاره ، وهامت الأفكار في أودية محامده ، وما بلغت وصف محله ومقداره ، وافتخر قلم الفتيا براحته ، وتباعد السيف عن قربه خوفا من مهابه ، وسدد الحق سهام أحكامه ، فأصابت الأغراض ، وشيد الصدق نظام كلامه ، فشفى صحيحه الأمراض ، فإن شرع في علم الشرع شفى إنسان عين الجهل الإرمداء ، وروى الأحاديث النبوية بأسناده ، فيما يصل أحد إلى مسند أحمد ، وإن صال في الأصول فإليه منتهى فخار الفخر الرازي ، أو حكم في الحكمة ، فابن سينا غير مساو له ولا موازى له ، وإن نطق في المنطق ، فهو أنير زمانه وسراجه المنير ، أو تحدث في علم العربية ، فهو أبو العباس تحقيقا غير تقدير ، أو تكلم في علم الخلاف ، فهو الأوحد على الحقيقة ، وكم له إلى الحق من طريق وطريقه ، وإن قص أنباء السلف والخلف ، كان الخطيب يثني عليه ، وابن عساكر لا تنجده عساكر معلوماته لو كان بين يديه.
ولما كان المجلس العالي ، القضائي ، الأجلي ، الصدري ، الكبيري ، الأوحدي ، الرئيسي ، الأفضلي ، العالمي ، العاملي ، الكاملي ، الناسكي ، العارفي ، الأثري ، الحافظي الشيخي الإمامي الحاكمي الشمسي ، شرف الإسلام فخر الأنام زين العلماء ، أوحد الفضلاء ، وارث الأنبياء ، نخبة العرب العرباء ، بقية السلف ، مفتي الفرق ، صدر الحفاظ شمس الشريعة ، قاضي القضاة سيد الحكام ، صفي الملوك والسلاطين ، ولي أمير المؤمنين أبو العباس أحمد بن الشيخ الإمام أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان البرمكي الشافعي ـ ضاعف الله جلاله ، وحقق في الدارين آماله ، نظام هذا العقد المليح ، ومعنى هذا اللفظ الفصيح ، وثمرة هذه الدوحة النضرة ، ونشر هذه الروضة الخضرة ، رسم الأمر العالي ، المولوي ، السلطاني ، الملكي الكاملي ، الشمسي ، لا زال يقر