وفي يوم الاثنين خامسه وصل إلى خدمته في طاعة الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا ملك العرب بالبلاد الشرقية والشمالية ، ودخل عليه وهو على السماط ، فقام له الملك الكامل ، فقبل الأرض وجلس على يمينه فوق الحاضرين.
وفي يوم السبت عاشره وصل الأمير شهاب الدين أحمد بن حجي بن يزيد ملك العرب بالبلاد الحجازية إلى طاعة الملك الكامل ، فأكرمه غاية الإكرام ، وكان وصوله من جهة العراق ، وذكر أنه كان انتهى في نقضته هذه إلى بلاد البصرة وأغار وانتهب.
وفي العشر الآخر منه تقدم الملك الكامل بإضافة الأعمال الحلبية إلى قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان ، وأن يعطى تدريس المدرسة الأمينية بدمشق ، وكان ذلك بيد قاضي القضاة نجم الدين محمد ابن سني الدولة ، وكتب له بالمدرسة الأمينية تقليد من إنشاء كمال الدين أحمد بن العطار ، نسخة مضمونه :
«الحمد لله الذي أطلع في فلك سمائنا شمس الدين [شمسا] بازغة الأنوار ، وأقام بنا بناء الحق ، مشيد الأركان على المنابر ، وجعل روض الفضل في أيامنا زاهرا ، تصبو إليه الأبصار ، وقلوب ونفوس فيما يخف منه نجم إلا نشف من بعده سناء نجوم وأقمار ، وشموس ، ولا يذوي منه عود إلا يروى بماء الرعاية منه أصول وفروع وغروس ، يبر بها لأيامنا أن يبذل فيها الحسنات ، أو يتعطل فيها مدارس آيات ، والصلاة على سيدنا محمد ذي الحسب الصميم ، والدين القويم ، والشرع الهادي إلى الصراط المستقيم ، صلاة يحلي اللسان تكرارها ، ويملأ سواد القلب أنوارها ، وبعد فإن أحق من عمرت به ربوع العلوم الدارسة ، وطلعت شموس فضله ، فتجلت بها كلمات الجهل الدايسة ، من كانت آية فضله شمسية ، إذا طلعت حجب النجم سناها ، وإذا تناهى في إشادة عليائه أعربها بمساعيه ، وحسن بناها ، وإذا تسابقت جياد الأفكار في حلبة جدال عطف أعنتها إلى