السنة التاسعة وسبعون وستمائة
استهلت يوم الخميس وافق ذلك ثالث أيار ، والخليفة الإمام الحاكم بأمر الله ، وهو بقلعة الجبل من الديار المصرية ، وصاحب الديار المصرية وبعض الشام الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي ، ودمشق وما والاها بيد الملك الكامل شمس الدين سنقر الأشقر ، وصاحب الكرك الملك المسعود نجم الدين الخضر ابن الملك الظاهر ، وصاحب اليمن الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر ، وصاحب مكة ـ شرفها الله تعالى ـ الشريف نجم الدين أبو نمي الحسني ، وصاحب المدينة الشريفة ـ صلوات الله وسلامه على ساكنها ـ الأمير عز الدين جماز بن شيحة الحسيني ، وصاحب حماة والمعرة الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين محمود ، والعراق والجزيرة والموصل وإربل وأذربيجان ، وديار بكر ، وخلاط ، وخراسان ، والعجم وما وراء ذلك بيد التتر ، والروم بيدهم أيضا وبه غياث الدين ابن السلطان ركن الدين ولا حكم له.
وفي يوم الخميس مستهل السنة في الساعة السادسة منه ركب الملك الكامل شمس الدين سنقر الأشقر نائب السلطنة من قلعة دمشق ، ودخل الميدان الأخضر وبين يديه الأمراء ومقدمي الحلقة رجالة بالخلع يحملون الغاشية ، والقضاة والأعيان ركاب بالخلع ، وسير في الميدان لحظة يسيرة ، وعاد إلى القلعة ، وقد ذكرنا في أواخر حوادث السنة الخالية تجريده بعض عسكر دمشق إلى غزة ، وكان بها طائفة من عسكر الديار المصرية مقيمين بها لمطابقة الكرك ، وعند وصول العسكر الشامي إليها في أوائل شهر المحرم من هذه السنة اندفع عسكر الديار المصرية من بين أيديهم ، ودخلوا الرمل ، فنزل الشاميون غزة ، واطمأنوا بها ساعة من النهار ، وكان فيهم قلة ، فكر عليهم عسكر الديار المصرية وكبسوهم ونالوا منهم منالا كثيرا ، ورجع عسكر الشام منهزما إلى مدينة الرملة.