محمد بركة ابن الملك الظاهر ركن الدين ـ رحمهماالله تعالى ـ قد تقدم في هذا الكتاب نبذة من أخباره ، وما جرى له وآل أمره إليه ، ولما استقر بالكرك قصده أجناد من الناس ، وكان ينعم على من يقصده ويعطيه ويستخدمه ، فتكاثروا عليه ، بحيث نفد كثيرا مما كان عنده ، ولما بلغ ذلك الملك المنصور سيف الدين قلاوون ـ رحمهالله ـ تأثر منه ، فقيل إنه سم ، وقيل غير ذلك ، وتوفي إلى رحمة الله تعالى ورضوانه يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة بقلعة الكرك ، ودفن من يومه بأرض مؤته عند قبر جعفر بن أبي طالب ـ رضياللهعنه ، ثم نقل بعد ذلك إلى دمشق في سنة ثمانين وست مائة ، فدفن إلى جانب والده بالتربة التي أنشأها قبالة المدرسة العادلية السيفية ، وألحده قاضي القضاة عز الدين محمد بن الصائغ ـ رحمهالله تعالى ـ ، ولما توفي ترتب مكانه في مملكة الكرك أخوه لأبيه نجم الدين خضر ولقب بالملك المسعود ، ومولد الملك السعيد رحمهالله بالعز من ضواحي القاهرة سنة ثمان وخمسين وستة مائة ، وكان ملكا جليلا كريما ، سخي الكف ، كثير العدل ، محسنا إلى الخاص والعام ، لا يرد سائلا ، ولا يخيب آملا ، ولا في خلقه عسف ولا ظلم ، كثير الشفقة والرحمة للرعية ، لين الكلمة ، محبا لفعل الخير ـ رحمهالله تعالى ـ وقيل إنه ولد له مولود ذكر يوم دخوله قلعة الجبل على الصورة المذكورة في شهر ربيع الآخر من هذه السنة ، وابن أم ولد ، وكانت ابنة المنصور سيف الدين قلاوون زوجته ، فوجدت لفقده ولما تم عليه وجدا شديدا ، ولم تزل باكية حزينة إلى أن توفيت إلى رحمة الله تعالى بعده بمدة في مستهل شهر رجب سنة سبع وثمانين وست مائة ، وكانت شقيقة الملك الأشرف صلاح الدين خليل ، ودفنت في تربة معروفة بوالدها بين مصر والقاهرة ، ولما مات الملك السعيد بالكرك ، صلي عليه بجامع دمشق يوم الجمعة رابع وعشرين ذي الحجة سنة ثمان وسبعين ـ رحمهالله تعالى ...