عبارة عنه والرفقة تبعا له ، وكان غزير المروءة طاهر اللسان ، متفضلا على معارفه وأصحابه ، كثير البر لمن يقصده في حاجة ، والمسارعة إليها حسبما يمكنه وكان شيعيا متغاليا في التشيع داعية إليه ، ركنا لأهل مذهبه ، يلجأون إليه في أمورهم ، ولم يسمع منه ملاعنة كلمة يؤخذ عليها فيما بلغني عنه ، وكنت أسمعه إذا ذكر أحدا من الصحابة رضياللهعنهم يترضى عنه ، ويذكره بأجمل ذكر ، وأما أهل البيت عليهمالسلام فيوفيهم حقهم من الموالاة والمبالغة في ذلك ، وتوفي بدمشق يوم الأحد سادس وعشرين ربيع الأول ، ودفن بسفح قاسيون ـ رحمهالله ـ وهو في عشر الستين.
محمد بن بركة خان بن دولة خان الأمير بدر الدين ، هو خال الملك السعيد ومن أعيان الأمراء بالديار المصرية ، وحصل له عندما أوصي الملك السعيد إلى ابن أخته تقدم كثير في الدولة ، ومكانة عالية ، وقدم معه إلى دمشق ، فتمرض بها ، وكان نزوله في دار صاحب حماة داخل باب الفراديس المجاورة لمدرسة ابن المقدم ، وبها توفي في ليلة الخميس تاسع ربيع الأول ، وصلى عليه يوم الخميس الثالثة من النهار بالمصلى خارج باب الفرج ، ودفن بسفح قاسيون بالتربة المجاورة لرباط الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد ـ رحمهالله ـ بعد أن جعل في تابوت لينقل ومقدار عمره يومئذ خمسون سنة ، وعمل له في هذا الشهر عدة أعزية وقرىء بالتربة التي دفن بها عدة ختمات حضر إحداها الملك السعيد ـ رحمهالله ـ ومد خوان فيه من عظيم فاخر الأطعمة والحلاوات ، فأكل من حضر وتناهبه الفقراء وغيرهم ، وخلع السلطان على والدته ومماليكه وخواصه ، وهو في العزاء ، فلبسوا الخلع وقبلوا الأرض ، ثم نقل تابوته إلى القدس الشريف في العشر الأول سنة تسع وسبعين ، فدفن عند قبر والده ـ رحمهماالله تعالى.
محمد بن بيبرس بن عبد الله أبو المعالي الملك السعيد ناصر الدين