النائب عنه بالبلد وبها ، فاستمر الحال على هذه الغاية ، ولما اعتقلوه طلبوا التضييق عليه ، فلم يوافق الأمير علم الدين على ذلك ، ثم طلبوه منه فلم يسلمه إليهم ، وقال : أنتم إنما حبستموه بيد الأتابك وهو في حبسه ، لا أسلمه إلا بأمره ودفعهم بذلك.
وفي العشر الأوسط منه وصل إلى دمشق من الديار المصرية جمال الدين أقوش الباخلي ، وشمس الدين سنقرجا الكنجي ، وعلى أيديهما نسخة الأيمان بالصورة التي استقر الحال عليها بمصر ، وأحضروا الأمراء والجند والقضاة والعلماء وأكابر البلد للحلف ، وكان مع القادمين من الديار المصرية نسخة بالمكتوب المتضمن خلع الملك السعيد وكتبه إلى الأمراء وغيرهم من الأتابك بصورة الحال فقرىء ذلك على الناس ، وحلفوا واستمر التحليف أياما.
وفي هذا الشهر عزل قضاة الديار المصرية الثلاثة دفعة واحدة ، وهم : تقي الدين محمد بن رزين ، ونفيس الدين بن شكر المالكي ، ومعز الدين الحنفي ، وباشر الأحكام عوض تقي الدين القاضي صدر الدين عمر ابن القاضي تاج الدين عبد الوهاب المعروف بابن بنت الأعز.
وفي يوم الأربعاء ثالث جمادى الآخرة صار الأمير شمس الدين سنقر الأشقر إلى دمشق نائب السلطنة بها وبأعمالها وما أضيف إليها من البلاد ، ومعه جماعة من الأمراء والعسكر وخرجوا في خدمته من القاهرة ، فخرج الناس من الشام لتلقيه احتفالا عظيما وعاملوه قريبا من معاملة الملوك ، ونزل بدار السعادة ، وكانت له بسطة عظيمة في الخزائن ، والقلاع والعساكر والأموال خلاف من تقدمه ، وتقدم عند وصوله إلى الأمير علم الدين الدواداري بالنزول من القلعة فنزل إلى داره ، وأقام بها مباشرا لتنفيذ الأشغال ، وتدبير الأحوال ، وشد الدواوين وبدار المملكة بأسرها عليه ، وقرأ تقليد الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بمقصورة الخطابة عقيب الفراغ من الجمعة ، وحضر أعيان الدولة ، ولم يحضر هو قراءته.