ما نقل إليهم من ذلك ، وعدم صحته ، فاشتروا شروطا كثيرة ألزمت لهم بها ، وعادت إلى ولدها ، وعرفته الصورة ، فمنعه من حوله من الخاصكية من الدخول تحت تلك الشروط ، وقالوا له : ما القصد إلا إبعادنا عنك ليتمكنوا منك ، وينزعوك من الملك ، فأبى قبول تلك الشروط ، فرحل العسكر من مرج الصفر قاصدا إلى الديار المصرية ، فخرج الملك السعيد بنفسه جريدة ، وساق في طلب اللحاق بهم ، وتلافي الأمر في معناهم إلى أن بلغ رأس الماء ، فوجدهم قد عبروه وبعدوا ، فعاد من يومه ، ودخل قلعة دمشق في الليل ، وذلك ليلة الخميس سلخ ربيع الأول.
وفي يوم الجمعة بعد الصلاة مستهل ربيع الآخر ، خرج الملك السعيد بجميع من تخلف عنده من العساكر المصريين والشاميين إلى جهة الديار المصرية في طلب العساكر المتقدمة ، وجهز والدته وخزانته إلى الكرك ، ووصل الملك السعيد بلبيس يوم الجمعة خامس عشرة ، فوجد العسكر المتقدم ذكره قد سبقه إلى القاهرة ، فلما رحل من بلبيس بعد العصر من النهار المذكور فارقه الأمير عز الدين أيدمر الظاهري نائب السلطنة بدمشق ، وصحبته أكثر أمراء دمشق.
وفي ربيع الأول ، وربيع الآخر من هذه السنة جرى بين صاحب طرابلس وصاحب جبيل والداوية اختلاف ، وأغار بعضهم على بلد بعض ، وقتل بينهم جماعة كثيرة ، وكذلك التتار اختلفوا ، وقتل بينهم ما لا يحصى عدده إلا الله.
وفي داخل البحر اختلفت الفرنج وقتل بينهم خلق كثير ، واختلفوا في عكا ، والكرج ، وفي سائر الأطراف ، واختلفوا في العراق واختلف العرب ، والقبائل والفلاحون وقتل بين هذه الطوائف خلق كثير.
وأما الملك السعيد فوصل بمن معه إلى ظاهر قلعة الجبل ، ونائبه بها وبالديار المصرية الأمير عز الدين أيبك الأفرم. وهو بالقلعة فوجد