سيس ، فنزلوا بمرج عذراء إلى القصير ، وكان قد اتصل بهم سيف الدين كوكندك ومن معه ولم يدخل العسكر دمشق ، وأرسلوا إلى الملك السعيد في معنى الخلف الذي حصل ، وكان كوكندك مائلا إلى البيسري ، ولما اجتمع بالأمير سيف الدين قلاوون الألفي ، والأمير بدر الدين بيسري ، والأمراء الكبار ، وأوحى إليهم ما غلت صدورهم ، وخوفهم من الخاصكية ، وعرفهم أن نيتهم لهم غير جميلة ، وأن الملك السعيد موافق لهم على ذلك ، وكثر من القول المختلق بما يغريهم وينفرهم ، وكان من جملة ما اقترح الأمراء الكبار على الملك السعيد إبعاد الخاصكية عنه وتفرقهم ، وأن لا يكون لهم في الدولة والتدبير حديث ، بل يكون على ذلك أخبازهم ووظائفهم مقيمين ، فلم يجب الملك السعيد إلى ذلك ، ولا أقدر عليه ، لقوة شوكتهم ، واجتماع كلمتهم.
فرحل العسكر من مرج عذراء إلى ذيل عقبة سحوراء بأسرهم ، ولم يعبروا على المدينة ، بل جعلوا طريقهم من المرج ، وأقاموا بهذه المنزلة ثلاثة أيام ، والرسل تتردد إليهم ، وبينهم وبين الملك السعيد ، ثم رحلوا من هناك ، ونزلوا بمرج الصفر ، وعند رحيلهم رجع الأمير عز الدين أيدمر الظاهري نائب السلطنة بالشام ، وأكثر عسكر دمشق ، ودخلوا البلد من وقتهم في طاعة الملك السعيد ، وفي رحيلهم إلى مرج الصفر سير الملك السعيد والدته ابنة بركة خان في محفة ، وفي خدمتها الأمير شمس الدين قراسنقر الأشقر ، فإنه كان مقيما عند الملك السعيد بدمشق ، لم يتوجه إلى بلاد سيس ، ولحقوا العسكر ، فلما سمعوا بوصولها ، خرج الأمراء الأكابر المقدمون لملتقاها ، وقبلوا الأرض أمام المحفة ، وبسطوا العتابي وغيره تحت حوافر البغال كما جرت العادة ، فلما استقرت بالمنزلة تحدثت معهم في الصلح ، والانقياد ، واجتماع الكلمة فذكروا ما بلغهم من تغرية الملك السعيد فيهم ، وموافقته الخاصكية على ما يرومونه من إبعادهم ، وإمساكهم وغير ذاك ، فحلفت لهم على بطلان